(الأول) : هو غاية ارتفاعها في الصيف وهو قربنا منها ، وانخفاضها في الشتاء وهو بعدنا عنها.
(الثاني) : هو الدائرة التي عليها مستقرها حيث لا تميل عن منطقة البروج ، ويحتمل وهو الوجه الثالث ، والشمس تجري لمستقر لها لحد معين ينتهي إليه دورها ، فشبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره ، وهو مستقر أو لكبد السماء فإن حركتها فيه توجد إلا أنه يظن أن لها هناك وقفة فإن أصحاب الهيئة قالوا : الشمس فلك مستقر يدور فيدير الكواكب السيارة ، وقرئ (لا مستقر لها) على أن لا بمعنى ليس ، وقوله : (ذلِكَ) [البقرة : الآية ٢]. إشارة إلى جريها وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو رتبته وبعد منزلته أي ذلك الجري البديع المنطوي على الحكم الرائعة التي تحار في فهمها العقول والإفهام تقدير العزيز العليم ، فإن قيل : عددت الوجوه الكثيرة ما ذكرت المختار. فما الوجه المختار عندك؟ قلنا الوجه المختار هو : أن المراد من المستقر المكان أي تجري في مستقرها والمجرى الذي لا يختلف والزمان وهو السنة والليل فهو أتم فائدة ، وذلك تقدير الله تعالى الذي قدر على إجرائها على الوجه الأنفع.
(المسألة الحادية عشرة) :
في قوله تعالى : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)) [يس : الآية ٣٩] قال الزمخشري : لا بد من تقدير مضاف ليتم به معنى الكلام لأن القمر لم يجعل نفسه منازل فالمعنى أنا قدرنا مسيره منازل وعلى ما ذكره يحتمل أن يقال المراد منه والقمر قدرناه منازل لأن ذا الشيء ، قريب من الشيء ولهذا جاز قوله (عيشة راضية) لأن ذا الشيء كالقائم به الشيء فأتى بلفظ الوصف وقوله : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس : الآية ٣٩]. أي إذا رجع في آخر منازله وهو الذي يكون قبيل الاجتماع في آخر سنة من التسع عشرة دق واستقوس حتى عاد كالعرجون كالشمراخ المعوج ، وقرئ (العرجون) بوزن الفرجون ، وهما لغتان كالبزيون والبزيون والقديم المتقادم الزمان قيل إن ما غبر عليه سنة فهو قديم ، والصحيح أن هذه بعينها لا تشترط في جواز طلاق القديم عليه وإنما تعتبر العادة حتى لا يقال لمدينة بنيت من سنة وسنتين أنها بناء قديم ، أو هي قديمة ويقال لبعض الأشياء إنه قديم وإن لم يكن له سنة ، ولهذا جاز أن يقال بيت قديم وبناء ، قديم ولم يجز أن يقال في العالم إنه قديم لأن القديم في البيت والبناء يثبت بحكم تقادم العهد ومرور السنين عليه ، وإطلاق القديم على العالم لا يعتاد إلا عند من يعتقد أنه لا أول له ولا سابق عليه.