كل شيء فإن قيل : فهل بين قولنا : كل منهم وبين قولنا : كلهم وبين قولنا : كل فرق فنقول : نعم عند قولك كلهم أثبت الأمر للاقتصار عليهم وعند قولك كل منهم أثبت الأمر أولا للعموم ، ثم استدركت بالتخصيص فقلت : منهم. وعند قولك كل أثبت الأمر على العموم وتركته عليه.
(الوجه الثاني) : إذا كان كل بمعنى كل واحد منهم والمذكور الشمس والقمر فكيف قال يسبحون؟ فيقول : الجواب عنه من وجوه :
(أحدها) : ما بينا أن قوله : كل للعموم فكأنه أخبر عن كل كوكب في السماء سيار.
(ثانيها) : أن لفظ كل يجوز أن يوحد نظر لكونه لفظا موحدا غير مثنى ولا مجموع ، ويجوز أن يجمع لكون معناه جمعا ، وأما التثنية فلا يدل عليها اللفظ ولا المعنى فعلى هذا يحسن أن يقول القائل : زيد وعمرو كل جاء أو كل جاؤوا ، ولا يقول كل جاآ بالتثنية.
(ثالثها) : لما قال : (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) [يس : الآية ٤٠]. والمراد ما في الليل من الكواكب أي كواكب الليل السيارة قال : (يُسَبِّحُونَ) [الأنبياء : الآية ٢٠].
(المسألة الخامسة):
هذا يدل على أن لكل كوكب سيار فلكا فما قولك فيه؟ ، نقول أما السبعة السيارة فلكل واحد كوكب أو كوكبان أو ثلاثة تدور حوله ، وتسمى هذه الكواكب سيارة السيارة أي توابع التوابع وكل واحد له أيضا حركتان حركة على نفسه وحركة حول كوكبه.
(في بيان قوله تعالى : (الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) [الرّعد : الآية ٢])
وفيه مسائل :
(المسألة الأولى) :
قال صاحب الكشاف : الله مبتدأ والذي رفع السماوات خبره بدليل قوله : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ) [الرّعد : الآية ٣]. ويجوز أن يكون (الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ) [الرّعد : الآية ٢] صفة ، وقوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ) [الرّعد : الآية ٢]. خبر بعد خبر قال الواحدي : العمد الأساطين وهو جمع عماد يقال : عماد وعمد مثل أهاب وأهب ، وقال الفراء : العمد أو العمد جمع العمود مثل أديم وأدم وأدم وقضيم وقضم وقضم والعماد والعمود ما يعمد به الشيء ، ومنه يقال فلان عمد قومه إذا كانوا يعتمدونه فيما بينهم.