المحاذي لنا فقط ، ولجسم القمر تأثير قوي على الأرض فتسلطن المد والجزر وحصول كثير من الحوادث ربما كانت حاصلة من تأثير القمر.
(المسألة الثانية) :
لما كان القمر وحده كافيا في إثبات الوحدانية والقدرة الصمدانية لا يحتاج معه إلى دليل آخر قال بعده : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦)). وغيرهما من الآيات إشارة إلى أن بعض الناس إن لم تكن له النفس الزكية التي يعينها الله تعالى بالدلائل التي في القرآن فله في الآفاق آيات منها الشمس والقمر ، وإنما اختارهما للذكر ؛ لأن حركتهما بحسبان تدل على وجود فاعل مختار سخرهما على وجه مخصوص ، ولو اجتمع من في العالم من الطبيعيين والفلاسفة وغيرهم وتواطؤوا أن يبينوا أسرار حركة مجموع نجمي مع مجموع آخر ، وجملة أعدادها لما بلغ أحد مراده إلا أن يرجع إلى الحق سبحانه ويقول جعل تعالى لها أسرارا أو أعدادا لا يعلمها إلا هو كما أراد الرحمن إلى قوله تعالى : (يَسْجُدانِ) [الرّحمن : الآية ٦].
(المسألة الثالثة) :
أن في قوله تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦)). ترتيبا من وجوه :
(أحدها) : هو أن الله تعالى لما أثبت كونه رحمانا ، وأشار إلى ما هو شفاء ورحمة وهو القرآن ذكر نعمه العظيمة التي أنعم بها على عباده فضلا وكرما ، وبدأ بخلق الإنسان فإنه نعمة جميع النعم به تتم ، ولو لا وجوده لما انتفع بشيء ثم بين نعمة الإدراك بقوله : (عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)) [الرّحمن : الآية ٤]. وهو كالوجود إذ لولاه لما حصل النفع والانتفاع ، ثم ذكر من المعلومات نعمتين ظاهرتين هما أظهر أنواع النعم السماوية ، وهما الشمس والقمر كما قلنا وشرحنا ، ثم بين في مقابلتهما نعمتين ظاهرتين في الأرض : وهما النبات الذي لا ساق له والذي له ساق فإن الرزق أصله منه ، ولو لا النبات لما كان للآدمي رزق إلا ما شاء الله ، وأصل النعم على الرزق الدار ، وإنما قلنا : النبات هو أصل الرزق ؛ لأن الرزق إما نباتي وإما حيواني كاللحم واللبن وغيرهما من أجزاء الحيوان ، ولو لا النبات لما عاش الحيوان ، والنبات هو الأصل وهو قسمان :
الأول يشتمل على جميع النباتات التي لها أزهار واضحة.