وزهر الغاسول يبتسم قبيل الغروب ، وزهر شب الليل يبتسم في أول ساعة من المساء ويبقى كذلك مدة ساعتين ، وزهر نبات ست الحسن يبتسم في الساعة الرابعة من الليل ويدوم ابتسامه إلى عاشر ساعة منه ، ولما رأى النباتيون تلك الخاصية العجيبة التي عينها الله تعالى لتلك الأزهار بحسب ساعات ابتسامها سموها المؤقتة الزهرية ، وتنقسم الأزهار إلى ابتسامات ليلية وابتسامات نهارية فالأولى : كزهر بعض أنواع العليق فإنه يبتسم بعد الشروق بساعة ، ويبقى متبسما إلى الزوال ، والثانية الشب الظريف فإنه يبتسم قبل الغروب بساعتين ، ويبقى مبتسما إلى قرب الفجر ، وهناك أزهار اعتدالية نسبة إلى الاعتدال الربيعي والاعتدال الخريفي ، وهذه الأزهار تبتسم ثغورها وتعبس مرارا في ساعات منتظمة ، وتنقسم إلى اعتدالية نهارية واعتدالية ليلية ، فالأولى تبتسم كل يوم قبل الزوال بساعة وتبقى مبتسمة بعد الزوال بثلاث ساعات ، والثانية تبتسم بعد المغرب وتبقى كذلك إلى الصباح فهذه الانقباضات والانبساطات الزهرية التي خصها الله تعالى بها وعينها لها في أزمنة منتظمة دالة على معرفة الله تعالى بذاته وصفاته وأفعاله.
(الوجه الثالث) : سجودهما من تأثيرهما إذا تأمل عاقل في الأعضاء النباتية التي تكلمنا عليها يتعجب من صنع الباري عزوجل وقدرته جل وعلا ، وذلك أنه يشاهد الجذور ذات الألياف الشعرية التي تمتص السائلات الكائنة في الأرض بقوة عجيبة ، وتنقل السائل المغذي إلى أوعية النبات ، وكذلك إلى السوق والفروع والأوراق القائمة في وسط الهواء المعد لتغذيته ، ثم الأوراق التي هي أعضاء تنفس وتحلب وإفراز يمتص بها النبات الهواء ويخرج الأبخرة والغازات التي ليست نافعة لغذائه ، وكذلك الأوعية المختلفة الأشكال التي تدور فيها العصارة اللنفاوية والعصارة المصلحة وكذلك المسام القشرية والخلايا وجميع هذه الأجهزة الحية التي تحصل بها الوظائف النباتية وكل هذه الأعضاء ليس لها إلا غاية واحدة هي تغذية الزهر ونحوه.
لنتكلم عليها فنقول : إن المشاهدة تثبت لنا أن الجذور والسوق والأوراق والفروع لا توجد إلا لتكوين الزهر ، والزهر لا يوجد إلا لتكوين الثمر ، والثمر لم يخلق إلا لتغذية البذر وهذا هو المقصود من الإنبات ؛ لأن القدرة الإلهية وجهت جميع الأفعال لتناسل النوع وحفظه في النباتات والحيوانات ، ثم إن أعضاء التناسل كما في الحيوانات تتكون من عضو الذكر وعضو الأنثى فحينئذ توجد مشابهة عظيمة بين النباتات والحيوانات في الكائنات العضوية حيث أن أهم الوظائف وهو التلقيح يحصل بكيفية تحصل بها المشابهة بينهما ، وباجتماع أعضاء التناسل النباتية مع بعضها يتكون الزهر ويوجد في النبات ذكر وأنثى كما في النخيل ، ومنه