خنثى فإذا بحثنا في زهر من الأزهار نرى أن عضو التأنيث شاغل للمركز دائما وحوله أعضاء التذكير ومن المشاهد أيضا أن عدد أعضاء التذكير يكون دائما أكثر من عدد أعضاء التأنيث ؛ لأن الحكمة الإلهية اقتضت إتقان هذه الأشياء إتقانا بديعا محكما ؛ لأنه قد يتفق أن أعضاء التذكير لا يكون جميعها صالحا للتلقيح فيقوم البعض مقامها ، وعضو التأنيث وعضو التذكير كل منهما مركب من ثلاثة أجزاء فعضو التأنيث يكون وضعه في وسط الزهرة وهو أنبوبة فيها بعض طول ، وهي في النبات بمنزلة المهبل ، وفي الحيوانات ويوجد في قاعدة تلك الأنبوبة كرات صغيرة تستحيل بعد التلقيح إلى بذر ، وهذه الكرات في النبات بمنزلة الرحم والمبيض في الحيوانات ، ويوجد أيضا في الجزء العلوي من الأنبوبة بعض انتفاخ له فوهة يكون بمنزلة فوهة المهبل في الحيوانات ، وعضو التذكير متكون أيضا من ثلاثة أجزاء :
الأول : العسيب وهو خيط رفيع. الثاني : يوجد في الطرف الأعلى للعسيب بعض انتفاخ يشبه الحشفة.
الثالث : يوجد في هذه الحشفة غبار وهو الطلع وفي الورقة التي يحصل فيها التلقيح كثيرا ما تشاهد في الأعضاء التناسلية للنبات تغيرات محسوسة تسبق هذه الوظيفة أو أن هذه الأعضاء تفعل حركات مختلفة الوضوح ، ولنذكرها في بعض النباتات التي تكون فيها أوضح فنقول ، أعضاء التذكير القشرة التي توجد في أزهار السناب تنعطف نحو أعضاء الإناث وتنحني بعد أن كانت موضوعة وضعا أفقيا أولا وتضع عليها جزءا من طلعها ، ثم تنعطف إلى الانتصاب واحدا بعد واحد وأعضاء الإناث تنحني وتقصر وتنفتح الفوهة المهبلية ، وبعده تنتصب وفي جملة أجناس مثل حشيشة الزجاج وشجرة التوت الورقية تكون أعضاء التذكير منعطفة نحو مركز الزهرة أسفل أعضاء الإناث ، وكذا خيوط أعضاء التأنيث تفعل في بعض نباتات حركات أيضا لكي تتجه نحو أعضاء التذكير ، وهذا ما يشاهد في بعض أنواع التين الشوكي وفي نبات حبة البركة ، فخيوط أعضاء التأنيث أو فروع الخيوط المتقاربة من بعضها تتباعد أولا وتنعطف نحو أعضاء التذكير بالحناآت وتنتصب ثانيا متى ألقت أعضاء التذكير طلعها عليها ، وأيضا عدة نباتات مائية كالبشنين الكبير والبشنين الصغير وبرسيم الماء وغير ذلك أزهارها الزهرية تكون مختفية أولا تحت الماء ، ثم يرى أنها تأخذ في القرب من سطحه شيئا فشيئا فتظهر عليه وتبتسم ومتى حصل التلقيح تنزل ثانيا تحت الماء لكي تنضج فيه بذرها فالحكمة الإلهية خصت كل نبات بخاصية عجيبة من الحركات المشتملة على الانبساط والانقباض والدواء والغذاء والسم فأشار إليها بقوله جل من قائل : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦)).