(المبحث الثالث) :
قد صح بالحساب أن النجوم تقدم كل يوم في الوصول إلى خط نصف النهار بنحو أربع دقائق عن وصولها في اليوم السابق ، وما يقطعه النجم من الزمن في رجوعه إلى خط نصف النهار يسمى يوما نجميا ، وزمن اليوم النجمي أربع وعشرون ساعة إلا أربع دقائق ، وهذه المدة أيضا هي المدة الحقيقية التي تسيرها الشمس على حسب الظاهر وقد تقدم الكلام على علة تعويق القمر في حلوله في خط نصف النهار بإحدى وخمسين دقيقة ، وهذه العلة هي علة تأخر الشمس كل يوم نحو أربع دقائق عن ظهورها في النصف ، ولما كانت الشمس على حسب الظاهر لا تسير كل يوم في دائرة وسط البروج إلا درجة ولا تقطع منه إلا درجة واحدة احتاج الأمر أن نجعل لها درجة زائدة كل سنة حتى يمكن أن ترجع وتصل إلى المحل الذي انتقلت منه يعني خط نصف النهار الذي ابتدأت منه السير ، وهذا كله هو السبب في كون السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم ، والسنة النجمية ثلاثمائة وستة وستين يوما وربع يوم ، واليوم النجمي مستوي الزمن دائما ، وليس كذلك اليوم الشمسي ؛ لأن الأرض حين بعدها الأقرب تعوق الشمس بعض شيء عن الظهور في خط نصف النهار فيكون اليوم حينئذ أزيد من أربع وعشرون ساعة ، وإذا كانت الأرض في البعد الأبعد فلا يبلغ أربعا وعشرين ساعة ، وقد سمى أهل الهيئة الساعات التي تحسب بالشمس الزمن المختلف والزمن الحقيقي ، وسموا الساعات التي تؤخذ من ساعة صحيحة مضبوطة الزمان الأوسط ، وهذان الزمانان ليسا دائمين متفقين ؛ لأن أيام الشمس مستوية الزمن فقد يكون الاختلاف ربع ساعة ، ففي الشتاء تكون ساعات الزمان الأوسط أطول من ساعات الزمان المختلف ، وعكس ذلك يقع في الصيف.
(المبحث الرابع) :
السنة : هي الزمن الذي تسيره الشمس على حسب الظاهر وهو مسافة ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وخمس ساعات وخمس وأربعين دقيقة ، ولأجل التسهيل قالوا : ثلاثمائة وخمسة وستون يوما ، ثم اعتبروا ما ألقوه وأهملوه فوجدوه نحو يوم في كل أربع سنوات سنة كبيسة ، تقال على السنة التي يضاف إليها في كل أربع سنين يوم ، وهذا اليوم متجمع مما ألقي في كل سنة ، وهو ست ساعات فبهذا اليوم تصير السنة الرابعة ثلاثمائة وستة وستين يوما مع أنها في السنة البسيطة أي المعتادة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وكما تعتبر البساطة والكبس في السنة الشمسية تعتبران كذلك في السنة القمرية التي هي إحدى سني التاريخ العربي ، ومبدأ هذا