أجاب به أبو الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهالسلام في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض أن قال : «اجتمعت الأمّة قاطبة ، لا اختلاف بينهم في ذلك ، أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع فرقها ، فهم في حالة الإجتماع عليه مصيبون ، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تجتمع أمّتي على ضلالة. فأخبر عليهالسلام أنّ ما اجتمعت عليه الأمّة ، ولم يخالف بعضها بعضا ، هو الحقّ ، فهذا معنى الحديث ، لا ما تأوّله الجاهلون ، ولا ما قاله المعاندون ، من إبطال حكم الكتاب ، واتّباع أحكام (١) الأحاديث المزوّرة ، والروايات المزخرفة ، واتّباع الأهواء المردية المهلكة ، الّتي تخالف نصّ الكتاب ، وتحقيق الآيات الواضحات النيّرات ، ونحن نسأل الله أن يوفّقنا للصّواب ، ويهدينا إلى الرّشاد».
ثمّ قال عليهالسلام : «فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه ، فأنكرته طائفة من الأمّة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزوّرة ، فصارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفّارا ضلالا ، وأصحّ خبر ، ما عرف تحقيقه من الكتاب ، مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال : إنّي مستخلف فيكم خليفتين : كتاب الله وعترتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض. واللفظة الأخرى عنه ، في هذا المعنى بعينه ، قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا.
فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث نصّا في كتاب الله ، مثل قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) ثمّ اتّفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه تصدّق بخاتمه وهو راكع ، فشكر الله ذلك له ، وأنزل الآية فيه.
__________________
(١) في المصدر : حكم.