الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه
الحقّ أنّ النهي عن الضدّ ليس الأمر بضدّه ولا جزئه ولا لازمه ولا ملازمه ، بل ينفكّ أحدهما عن الآخر سواء في الضدّ الخاصّ والعامّ.
والمراد بالضدّ العامّ إمّا ما يشمل النقيض فيكون توصيفه بالعموم لأجل هذا الاعتبار ، وهو شمولاه لكلّ من الضدّ الاصطلاحي أعني الأضداد الوجوديّة والنقيض ، أو المراد به خصوص النقيض ، وتوصيفه بالعموم باعتبار عموم مضادّة نقيض كلّ شيء مع عين ذلك الشيء بخلاف الأضداد الخاصّة ؛ فإنّ المضادّة فيها بين أشياء خاصّة وليس ضدّ شيء ضدّا لكلّ شيء. ولنحرّر الكلام في مقامين :
المقام الأوّل : في الضدّ العامّ
وفي هذا يتكلّم تارة في الاقتضاء بمعنى العينيّة ، وأخرى في الاقتضاء بمعنى الجزئيّة ، وثالثة في الاقتضاء بمعنى الملازمة ، ورابعة في الاقتضاء بمعنى الاستلزام.
أمّا الاقتضاء بمعنى العينيّة فبيانه هو أنّ النهي عبارة عن طلب ترك الشيء ، كما أنّ الأمر عبارة عن طلب فعل الشيء. وكلّ شيء فهو ترك لتركه ، فالأمر طلب لترك تركه ، فكان عين النهي عن الضدّ العامّ الذي هو الترك. وأيضا أنّ الأمر بالشيء كما أنّه بعث نحو الشيء ، كذلك صرف للمكلّف عن ترك ذلك الشيء ، فإنّك إذا أشغلت أحدا بعمل فقد أشغلته عن نقيض ذلك العمل ، وكما أنّك وجّهته إلى جانب ذلك العمل كذلك صرّفته عن نقيض ذلك العمل.