حيث يجد بينها فراغا. ومعنى ذلك عدم إشغال المانع جميع سعة الفراغ وبقاء الفراغ خال عن شاغل لتخلخل الجسم الشاغل ، وإلّا لم يكن للماء فيه سبيل.
خاتمة :
قد ذكروا لهذا البحث ثمرة وهو بطلان عبادة صارت ضدّا لواجب أهمّ على القول بالاقتضاء ، وعدمه على عدمه.
وقد أشكل عليه بأنّ العبادة باطلة على كلّ من القولين ؛ لعدم الأمر على كلّ منهما ؛ لأنّ الأمر بالضدّين باطل ، والعبادة لا تكون بلا أمر (١).
وردّ بعدم احتياج صحّة العبادة إلى الأمر ، بل يكفي وجود مناط الأمر والمصلحة الداعية إلى الأمر. ومن المعلوم أنّ المناط باق لعدم المزاحمة بين المناطات. وإنّما المزاحمة بين الأوامر الفعليّة فيرتفع بمزاحمة الأمر بالأهمّ الأمر بالمهمّ مع بقاء مناط الأمر على حاله (٢).
والحقّ أنّ الثمرة فاسدة ، وأنّ المناط غير كاف في صحّة العبادة وقصد التقرّب منه تعالى. نعم ، يكفي مدح الفاعل على ذلك وهو غير وقوعه عبادة. فلذلك ترى أنّ كثيرا من المستحبّات الواردة في أبواب المعاشرة ومكارم الأخلاق يصدر حسنها حتّى من أهالي الملل الفاسدة ـ فضلا عن المسلمين ـ ومع ذلك لا تقع عبادة الله تعالى ؛ إذ لم تصدر بداعي التقرّب وإن صدرت بداعي حسنها. فالتقرّب منوط بقصد الطلب وبداعي امتثال الأمر.
ثمّ لو سلّمنا كفاية المناط فذلك فيما لم يوجب العمل المشتمل على المناط تفويت واجب أهمّ وإلّا منع من إتيانه العقل ، ومع منع العقل لا يقع على صفة الحسن فضلا عن التعبّد.
مع أنّ هذا مختصّ بما إذا كان الأمر بمناط في متعلّقه لا بمناط فيه.
وأيضا دعوى وجود المناط مع سقوط الأمر تخرّص ورجم بالغيب ، وأين السبيل إلى المناط والطريق إلى معرفته بعد سقوط الأمر الذي هو الطريق الكاشف عن ثبوت المناط إنّا.
والحاصل : أنّ احتمال أن يكون المناط مقدّرا بقدر الأمر قائم ـ فلا يكون مناط حيث
__________________
(١) المستشكل هو الشيخ البهائي في زبدة الأصول : ٨٢ ، (مخطوط).
(٢) كفاية الأصول : ١٣٤.