تعلّق الأوامر بالطبيعة أو الأفراد
هل الأحكام متعلّقة بالطبائع ، أم بوجوداتها؟ وعلى الأخير فهل المتعلّق لها أصل الوجود ومتنه بلا دخل كلّ خصوصيّة ، أو أنّ المتعلّق لها الوجود بخصوصيّاته؟ قلنا في المقام بحثان ، وكلاهما عقليّان لا دخل لهما بدلالة اللفظ.
أمّا الأوّل فالحقّ فيه هو الأوّل وأنّ متعلّق الأحكام هو الطبائع من حيث هي ، ولا تعلّق للطلب بالوجود سواء قلنا بأصالة الوجود ، أم قلنا بأصالة الماهيّة.
بيان ذلك : أنّ متعلّق الطلب في الأحكام وكذلك متعلّق الإرادة في الأفعال التكوينيّة لا يخلو إمّا أن يكون هو متن الوجود ، أو طرف الوجود وحدّه وهو الماهيّة ، أو الوجود بحدّه ، والطرفان باطلان فيتعيّن الوسط.
أمّا بطلان الطرف الأوّل فبأنّ رقبة الوجود مع قطع النظر عن كلّ حدّ حاصل ، والطلب لا يتعلّق بأمر حاصل ، مع أنّ المناط المنبعث منه الطلب لا يقوم بمتن الوجود كي يقوم الطلب بمتن الوجود ، وإلّا كان كلّ الآثار متشاركة بين كلّ الوجودات ، وهو باطل.
وأمّا بطلان الطرف الثاني فبأنّ نفس الوجود إذا خرج عن قابليّة تعلّق الطلب ـ كما بيّن آنفا ـ لم يجد خلطه مع غيره في حصول القابليّة. وبعبارة أخرى متن الوجود إذا كان حاصلا ومن جهة حصوله لم يتعلّق به الطلب توجّه الطلب لا محالة إلى حدّه وحاشيته ، وكان ذلك هو المحور الذي يدور حوله الطلب وإن كان الطلب في ظاهر الخطاب متوجّها إلى الوجود بحدّه ؛ فإنّه يصرف عن هذا الظاهر مع أنّ مدار الأغراض ومبادئ الإرادات أيضا هو هذا