الواجب التخييري
هل المتّصف بصفة الوجوب في الواجبات التخييريّة هو جميع أطراف التخيير ، أو واحد منها لا بعينه ، أو واحد معيّن ، أو الواحد الجامع بين الأطراف الصادق على كلّ واحد منها؟ ومنشأ هذا النزاع هو عدم تعقّل اجتماع الوجوب مع جواز الترك ، ولا ريب أنّ كلّ واحد من الأطراف جائز الترك.
فمن قائل قال : إنّ جواز الترك إلى بدل لا ينافي حقيقة الوجوب وهذا نحو وجوب خاصّ يجوز تركه إلى بدل. وآخرون ما لم يتعقّلوا ذلك ذهب كلّ إلى مذهب ، فمن قائل قال : بأنّ الواجب هو فرد مردّد بين الأطراف أو فرد معيّن والبقيّة مسقطه ؛ ومن ملتزم بوجود قدر جامع بين الأطراف هو المتّصف بالوجوب وإن لم نتصوّره نحن ، فيكون التخيير في الأطراف عقليّا كما في جميع الواجبات التعيينيّة بالنسبة إلى أطرافها.
وتفصيل الحال في المقام يتوقّف على ذكر احتمالات كلّ من الأقوال بل أقوالها المنشعبة إليها حتّى يتبيّن الرشد من الغيّ.
فأمّا احتمالات القول الأوّل فثلاث :
أحدها : اتّصاف كلّ واحد من الأطراف بالوجوب التعييني لكن إذا أتى واحد منها سقط الباقي ، فيكون سقوط ذلك الذي أتى بالامتثال ، وكان سقوط البقيّة من أجل تعذّر ما فيها من الأغراض بعد الإتيان بذلك الواحد.
ويردّه : أنّ إيجاب الجميع حينئذ إمّا أن يكون لغوا محضا ، أو يتعيّن على المكلّف الإتيان