اجتماع الأمر والنهي
لا ريب في امتناع اجتماع الأمر والنهي بمعنى عروضهما على محلّ واحد لا تعدّد فيه بوجه. وإنّما الكلام إذا تعدّد الوجه والعنوان ؛ لشبهة أنّ ذلك رافع للاستحالة الذاتيّة ويخرج بذلك عن الاجتماع في المعروض الواحد ـ بل كلّ عارض على عنوان غير ما عرض عليه الآخر ـ أو أنّ الاستحالة لا ترتفع لأنّ المعروض واحد ـ وهو المعنون دون العنوان ، وإنّما العنوان إشارة إلى الخارج المعنون ـ أو أنّ الاستحالة الذاتيّة وإن ارتفعت بذلك إلّا أنّ الاستحالة بالغير ومن جهة لزوم التكليف بالمحال باقية ؛ لعدم قدرة المكلّف على امتثال الخطابين في المجمع ، وقدرته على الامتثال في غير المجمع لفرض المندوحة لا يرفع المحذور عن المجمع ، ولا يصحّح توجّه الطلبين إلى المجمع.
وتحقيق الحال وتوضيح محلّ النزاع هو : أنّا إذا لاحظنا خطا بين تكليفيّين توجّه إلينا فتارة نرى التباين بين موضوعيهما كما في «صلّ» و «لا تشرب الخمر» ، وأخرى نرى الاتّحاد والعينيّة التامّة كما في «صلّ» و «لا تصلّ» ، وثالثة نرى اتّحادا من جهة واختلافا من أخرى ، فإمّا اتّحادا في الماهيّة واختلافا في الوجود أو بالعكس.
لا إشكال في خروج ما عدا القسم الأخير عن محلّ الكلام. وإنّما الكلام في هذا الأخير ، ففي محلّ البحث ينبغي المحافظة على كلمتين ـ أعني تعدّد الماهيّة واتّحاد الوجود ـ فإذا اتّحدت الماهيّة لم يكن إشكال في الامتناع ، أو [إذا] تعدّد الوجود لم يكن إشكال في الجواز.