ومولّدات للعناوين الجمليّة.
والحاصل : أنّ لكلّ من موادّ الجملة وضع يخصّها ، وللموادّ بالهيئات المختلفة الحاصلة من تخلّل الحروف وغيره أيضا وضع على حدّه ، فالقول بالوضع للحروف باطل غير مؤدّ لتحصّل المعاني الجمليّة ، وإن قيل بوضعها للروابط بما هي روابط ؛ فإنّها مع ذلك لا توجب ربط الأطراف ، وإن أردفت في الكلام وأتي بها خلال الجملة ، هذا إن تعقّلنا الوضع لها. كيف! وقد عرفت عدم تعقّل الوضع لها.
وخلاصة الكلام هو أنّ وضع أجزاء الكلام لا يغني عن وضع مجموعه ، فإن تعلّق مع ذلك وضع بالمجموع تمّ الكلام وأفاد الغرض المقصود وإلّا لم يتمّ ولم يفد. ف «زيد في الدار» و «زيد على الدار» يختلف معناهما الجملي باعتبار اختلاف هيئة الجملتين واتّحد معاني موادّهما ، يعني أنّ زيدا والدار تحت الهيئة الأولى موضوعان بإزاء زيد الثابت له الكينونة في الدار ، التي هي حالة من حالات زيد ؛ وتحت الهيئة الثانية موضوعان بإزاء. زيد الثابت له الاستعلاء على الدار ، التي هي حالة أخرى من حالات زيد ، فقطعة من «زيد» هي مدلول الجملة الأولى وقطعة منه هي مدلول الجملة الثانية ، وزيد اللابشرط هو مدلول نفس كلمة «زيد» اللابشرط عن كلّ هيئة ، وكأنّ من توهّم الوضع للحروف شاهد اختلاف معنى الجملتين ، فحسب أنّ ذلك مستند إلى وضع الحروف غفلة عن حقيقة الحال ، وأنّ ذلك مستند إلى اختلاف أوضاع الجمل!
إن قيل : فما فائدة الوضع للموادّ ، وما وجه الالتزام بها ولم يقتصر حينئذ على الوضع للمركّبات؟
قلنا : أوضاع المركّبات أوضاع نوعيّة تحتاج إلى سبق أوضاع شخصيّة متعلّقة بالموادّ وبدونها لا تتمّ أوضاع المركّبات ؛ فإنّها تعلّقت بالموادّ متهيّئة بشيء من الهيئات الحاصلة من تخلّل الحروف أو غيره بإزاء معنى تلك الموادّ ـ كائنا ما كان ـ متخصّصا بالربط الخاصّ الظرفي أو الابتدائي أو الاستعلائي وهكذا ، وما هذا شأنه لا يتمّ بلا وضع يخصّ الموادّ ، أو يلتزم بأوضاع شخصيّة للمركّبات إلى ما شاء الله ، وحيث إنّ الثاني باطل تعيّن الأوّل.
وإن شئت توضيح المقام فانظر إلى باب المشتقّات ، وانظر إلى أوضاع الهيئات النوعيّة ،