النهي يقتضي الفساد أم لا؟
اعلم أنّ مسألة اقتضاء النهي للفساد بالنسبة إلى شطر العبادات لا أصل لها ولا أساس ؛ فإنّه ـ بعد الاتّفاق على عدم جواز اجتماع الأمر والنهي بعنوان واحد ، وبعد الاتّفاق على توقّف الصحّة في العبادات على ثبوت الأمر ، أو لا أقلّ من المحبوبيّة ، وبعد الاتّفاق على أنّ النهي يقتضي المبغوضيّة وهي لا تجتمع مع المحبوبيّة ـ يكون اقتضاء النهي للفساد في العبادات اتّفاقيا. ولا يعقل أن ينكره أحد بعد فرض أنّ النهي متوجّه إلى عنوان العبادة ؛ فإنّه بمجرّد أن توجّه النهي ذهب الأمر بسبيله وصار الفعل متّصفا بالمبغوضيّة ، ومع ذلك كيف يعقل أن يبقى على صحّته؟!
نعم ، يمكن البحث في المقام بعنوان آخر غير هذا العنوان ، وهو أنّه إذا تعلّق النهي بصحّة من الطبيعة المأمور بها ـ كالصلاة في الحمّام أو في مواضع التهمة ـ فهل ذلك نهي عن حصّة من الطبيعة المأمور بها فيكون معروض الأمر والنهي واحدا ولأجله يذهب الأمر بمجيء النهي ، أو أنّ النهي متوجّه في الحقيقة إلى تقيّد الطبيعة بقيد خاصّ كقيد كونها في الحمّام مع بقاء أصل الطبيعة ومتنها على محبوبيّتها؟
فكان البحث صغرويّا ، بل راجعا أيضا إلى دلالة اللفظ وأنّ ظاهر مثل خطاب «لا تصلّ في الحمّام» (١) هو حرمة هذه الحصّة من طبيعة الصلاة الواقعة في الحمّام ، أو أنّ ظاهره حرمة
__________________
(١) ورد النهي عن الصلاة في عشرة مواضع وقد عدّ منها الحمّام ، راجع وسائل الشيعة ٥ : ١١٧ ـ ١١٨ أبواب مكان المصلّي ، ب ٣٤ ، ح ٣ وب ١ ، ح ٤ وعبّر فقهاؤنا في أمثلتهم عن هذا النهي بقولهم : «لا تصلّ في الحمّام».