التباين لا على وجه الإطلاق والتقييد.
وأمّا الجمع الثالث ـ أعني تقييد كلّ من المنطوقين بصاحبه ـ فممّا لا وجه له ؛ لأنّه جمع وتصرّف في غير مادّة المعارضة وإن ارتفعت بها المعارضة ، ولعلّ من جمع ذلك أراد الرمي بسهم واحد مرميّين : رفع التعارض عن المقام ، وإصلاح عدم معقوليّة المقام الآتي أعني اجتماع علّتين تامّتين على معلول واحد.
بقي الجمع الرابع وهو ممّا لا ينبغي عدّه جمعا مستقلّا في عداد سائر الجموع ، وإنّما هو تصرّف اقتضاه العقل في موضوع الجمعين الأوّلين.
معقوليّة تعدّد الشرط ووحدة الجزاء
في موضوع المسألة السابقة بحث آخر عقلي ـ إن قلنا بالمفهوم في الشرطيّة أو لم نقل ـ وإنّما منشؤه قاعدة عقليّة وهي : «أنّ الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد». وعليه فلا يعقل تعدّد الشرط والعلّة على معلول واحد ، فلا بدّ من التصرّف فيما دلّ بظاهره على ذلك.
إمّا بتقييد كلّ من المنطوقين بالآخر ـ ليكون الشرط مجموع الأمرين دون كلّ منهما مستقلّا ـ أو جعل السابق منهما هو المؤثّر والآخر خاليا عن الأثر ، أو أثره تأكّد ما حدث بالسابق ـ ويعبّر عن هذا بتداخل الأسباب كما في أسباب الوضوء ـ أو الحكم بأنّ الجزاء متعدّد لا كما يرى في ظاهر العبارة.
وهذا تارة مع الاكتفاء بفعل واحد في مقام الامتثال ـ على أن يكون الجزاء ان طبيعيّين متصادقين كما في أنواع الغسل ، ويعبّر عن هذا بتداخل المسبّبات ـ وأخرى مع عدم الاكتفاء وإيجاب الإتيان بالجزاء مكرّرا ، وهذا إنّما يكون فيما إذا كان الجزاء قابلا للتكرّر دون مثل القتل إذا تعدّدت أسبابه ، ودون مثل الوضوء الذي قام الإجماع بل الضرورة على عدم تكرّره.
وإمّا (١) إرجاع الشرطين إلى واحد جامع بين الشرطين ، فذلك إنّما ينفع إذا لم نقل بأنّ تعدّد أشخاص الشرط كتعدّد جنس الشرط في عدم معقوليّة اجتماع اثنين منه على معلول واحد وإلّا لم ينحسم به الإشكال.
__________________
(١) عطف على قوله : إمّا بتقييد كلّ من المنطوقين بالآخر ، فهذا عدل آخر من التصرّف في الظاهر.