الموضوعة لمراتب الأعداد في أنّ الموضوع له ليس ذوات الأجزاء والآحاد اللابشرط. بل الآحاد بشرط الاجتماع. ومعلوم أنّ وصف الاجتماع ينهدم بخروج جزء ، فكان قيام الدليل على خروج جزء معارضا للعموم على وجه المباينة ، فإن كان جمع بينهما كان ذلك غير التخصيص.
فما دلّ على إكرام عشرة أو صوم شهر يباينه ما دلّ على عدم وجوب إكرام واحد من تلك العشرة أو صوم يوم من ذلك الشهر ، فيصرف ابتداء عن ظهوره في المجموع من حيث المجموع بجعله قرينة على أخذ العنوان معرّفا إلى ذوات الآحاد ، فيلزم تعدّد الأحكام بتعدّد الآحاد ثمّ من بعد ذلك يرتكب التخصيص.
وأمّا في العامّ الاستغراقي فكشف اللفظ وإن كان واحدا ، لكن لمّا كان المنكشف بهذا الكشف أمورا متعدّدة وأحكاما مستقلّة غير مرتبطة بعضها ببعض عومل معه عرفا معاملة الكشف المتعدّد في عدم رفع اليد عن البعض بقيام القرينة على عدم إرادة البعض الآخر. وهذا بخلاف ما إذا كان المنكشف واحدا ذا أجزاء وقامت القرينة الصارفة عن بعض الأجزاء ؛ فإنّه لا يحمل على إرادة الباقي إلّا بالعناية التي ذكرناها إن ساعدها العرف.
وإن شئت قلت : إنّ العامّ بقيام القرينة على التخصيص لا ينهدم شيء من ظهوريّة ظهوره في أنّ العامّ هو المستعمل فيه وظهوره في أنّ ذلك مراد جدّا. نعم ، لا يؤخذ بهذين الظهورين في مورد مزاحمة دليل الخاصّ. وأمّا فيما عدا ذلك فحيث لا مزاحم يؤخذ بمقتضاهما.
إجمال المخصّص يسري إلى العامّ
إذا أجمل الخاصّ مفهوما أو أجمل مصداقا [سواء] كان الإجمال للتردّد بين المتباينين أو كان الإجمال للتردّد بين الأقلّ والأكثر ، [وسواء] كان دليل الخاصّ متّصلا بالعامّ أو كان منفصلا ، [وسواء] كان عقليّا أو كان نقليّا ، فالإجمال يسري في الجميع إلى العامّ. فلا العامّ يكون حجّة بالنسبة إلى مورد الإجمال ولا الخاصّ ، فيرجع إلى عامّ فوق ـ إن كان ـ وإلّا فإلى الأصول العمليّة ؛ وذلك لأنّ الحكم قد بيّن موضوعه بدليلين : دليل العامّ ودليل الخاصّ ، فذلك بيّن حدّا منه وهذا بيّن حدّا آخر منه ، فكما لو كانا متّصلين لم يؤخذ إلّا بالمتيقّن من مدلول المجموع كذلك على تقدير الانفصال.