نعم ، يجدي وينفع في الوضع لنفس هذا الوجه المتصوّر ، فالوضع والموضوع له الخاصّ باطل.
ونظيره في البطلان الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ ؛ فإنّا إن تصوّرنا زيدا فلا يخلو إمّا ألا نتصوّر شيئا وراء زيد فلا يعقل أن نضع لفظا له بعد أن لم نتصوّره ، أو نتصوّره ولو بعنوان ما هو جنس زيد ونوعه ، وإن لم نعلم حقيقة ذلك الجنس والنوع تفصيلا بل لم نعرفه إلّا بعنوان جنس زيد ونوعه ، فلا يخرج الوضع عن الوضع العامّ والموضوع له العامّ ؛ إذا الفرض أنّا تصوّرنا عنوان جنس زيد ونوعه الذي هو عنوان عامّ ، وإن لم نتصوّره بهويّته وحقيقته. فكان الوضع عامّا كالموضوع له.
الألفاظ موضوعة لذوات المعاني
ذوات المعاني معان للألفاظ دون وجوداتها الخارجيّة ودون صورها العلميّة ، فمعنى «زيد» تلك الماهيّة الشخصيّة التي يحكم عليها بالوجود الخارجي تارة وبالوجود الذهني أخرى ، وهي في ذاتها خالية عن كلا الوجودين ولا بشرط عن نحوي التحقّقين.
ويشهد لما ذكرناه ـ مع وضوحه ـ جواز الحكم عليه بالوجود الخارجي تارة ، وبالوجود الذهني أخرى ، وبالعدم ثالثة ، فلو لا أنّه في ذاته خلو عن كلّ ذلك لم يجز الحكم عليه بكلّ ذلك. وأيضا لو كان معنى «زيد» هو زيد الموجود كان لفظ «زيد» جملة تامّة خبريّة مرادفا ل «زيد موجود» ، وهو باطل بالقطع ، وأيضا أنّ الوضع حكم قائم بالنفس فلا يعقل أن يكون متعلّقا بموضوع خارجي ، وسيجيء أنّ القضيّة من أيّ عالم كانت لزم أن يكون طرفاها في ذلك العالم. هذا في مصداق الموجود.
وأمّا أخذ مفهوم الوجود في مداليل الألفاظ بنحو التقييد على أن يكون «زيد» مرادفا لزيد الموجود ، فذلك ممّا لا مانع منه عقلا ، لكنّه باطل غير واقع خارجا ، وإلّا لزم أن يكون القيد في زيد الموجود مستدركا وفي زيد غير الموجود تناقضا.
ثمّ الظاهر رجوع البحث في أنّ الألفاظ موضوع لذوات المعاني أو للمعاني بما هي مرادة إلى ما ذكرناه ، على أن يكون المراد من كلمة «مرادة» المتصوّرة. ويحتمل عدم الرجوع