على اختصاص حجّيّة الظواهر بالمقصود إفهامهم ـ وهذا المقدار من الثمرة الموقوفة على انضمام مقدّمات أخر كاف في خروج البحث عن اللغويّة.
الثانية : أنّا لو اختلفنا مع الموجودين في قيود ـ بأن كانت تلك القيود ثابتة في حقّنا تارة ومنفية أخرى ، وأمّا في حقّ الموجودين فكانت ثابتة لا تزول ، أو منفيّة لا تثبت ـ فعلى تقدير عموم الخطابات وشمولها لنا تمسّكنا بإطلاقها لكلتا الحالتين. وأمّا إن اختصّت بالموجودين لم يكن لنا سبيل التمسّك بالإطلاق في حقّنا ، ولا سبيل للتمسّك بالإطلاق في حقّ الموجودين ثمّ تعميم مقتضاه في حقّنا بدليل الاشتراك.
أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فلعدم قبح ترك بيان دخل قيد كان أبديّ الثبوت ، أو ترك بيان مانعيّة قيد كان أبديّ الانتفاء ، فلا تكون مقدّمات الحكم بالإطلاق تامّة. وهذا لا إشكال فيه ، إنّما الإشكال في الأولى ؛ فإنّ خصوص الخطاب لا يمنع من التمسّك بظاهر الخطاب إذا عمّ القصد بالإفهام لغير الموجودين.
الدوران بين التخصيص والاستخدام
إذا تعقّب العامّ بضمير يرجع إلى بعض أفراده فهل يوجب ذلك تخصيص العامّ فيما اختصّ به من الحكم ، أو يتجوّز بالضمير بعدم المطابقة للمرجع؟
مثاله من الكتاب العزيز : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(١) ... (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)(٢) فإنّ حقّ الرجوع مختصّ بقسم الرجعيّات. فإن خصّصنا العامّ بالرجعيّات يكون حكم التربّص ثلاثة قروء أيضا مختصّا بهنّ ، وإن أخذنا بعموم المطلّقات للبائنات حصل التجوّز في الضمير بعدم المطابقة للمرجع.
والتخصيص وإن كان مقدّما عندهم على سائر أقسام التجوّز إلّا أنّه قد يقال في المقام : إنّ أصالة العموم في العامّ سليمة عن أصالة الظهور في جانب الضمير ؛ لأنّ المراد من الضمير معلوم ، وبعد العلم بالمراد لا يبقى للرجوع إلى أصل الظهور مجال ؛ فإنّ الأصل المذكور أصل يؤخذ به في العروج إلى تعيين المراد وإذا علم بالمراد لم يبق للأصل مصرف.
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٢٨.
(٢) البقرة (٢) : ٢٢٨.