لعمومات الكتاب. وقد أشرنا إلى بطلان هذا التوهّم (١).
وأضعف منها دعوى العلم الإجمالي بصدور مخالفات كثيرة لا على وجه التباين من الأئمّة الأطهار ، فيكون ذلك قرينة على إرادة المخالفة على وجه التباين من قولهم : زخرف ، باطل ، لم أقله ؛ فإنّ العلم الإجمالي المذكور لا ينافي إلغاءهم لكلّ الأخبار المخالفة بالأعمّ ممّا قالوه وما لم يقولوه عن درجة الاعتبار كي يطرح ضمنا ما لم يقولوه ممّا دسّه الكذّابة.
وأضعف من الكلّ حمل هذه الأخبار على إرادة ما يخالف واقع القرآن ـ أعني حكم الله الواقعي ، لا ما يخالف ظواهره ـ فإنّ هذه الأخبار كلّا أو بعضا في مقام إعطاء ضابط ما يعمل به من الأخبار وما لا يعمل به منها. وكيف يجعل الضابط ما لا سبيل إلى معرفته من غير طريق الظهور؟! مع أنّ المخالف لواقع القرآن واضح البطلان لا حاجة إلى المنع عنه ثمّ الإصرار عليه.
وأمّا ما يقال : من أنّ هذه الأخبار بأنفسها مخالفة للكتاب ـ أعني ظواهر آيات (٢) حجّيّة أخبار الآحاد ـ فيلزم من العمل بها طرحها ، فمردود أوّلا : بمنع دلالة تلك الآيات على حجّيّة خبر الواحد تعبّدا كما يأتي بيانه مفصّلا إن شاء الله.
وثانيا : بتواتر هذه الأخبار معنى فلا يلزم ما ذكر.
الدوران بين النسخ والتخصيص
العامّ والخاصّ المتعارضان تارة يعلم تاريخهما وأنّ أيّهما مقدّم وايّهما مؤخّر أو هما متقارنان ، وأخرى يجهل ، وصور الجهل ـ ثنائيّا أو ثلاثيّا ـ أربع. فيبلغ المجموع سبع صور.
وأيضا تارة يعلم بورود أحدهما بعد وقت الحاجة بالآخر ، وأخرى يعلم بوروده قبله ، وثالثة يجهل. ولكن لا أثر للاختلاف بالنسبة إلينا المتأخّر زماننا عن الخطابين جميعا ، بل يجب أن نعمل في جميع الصور على طبق الخاصّ ، إلّا في صورة واحدة هي صورة تأخّر
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ١٨٣.
(٢) في آية النبإ [الحجرات (٤٩) : ٦] وآية الكتمان [البقرة (٢) : ١٥٩] وآية السؤال [النحل (١٦) : ٤٣] والأنبياء (٢١) : ٧ وآية الأذن [التوبة (٩) : ٦١].