المجمل والمبيّن
الإجمال تارة يكون في الوضع ، وأخرى يكون في المراد ، وثالثة يكون في الدلالة.
فأمّا الإجمال الوضعي فذلك يكون بالجهل بالوضع ، وبهذا المعنى من الإجمال فإنّ كلّ اللغات مجملة في حقّ الأجانب من تلك اللغات ويرتفع إجمالها بالمعرفة بها.
وأمّا الإجمال المرادي فهو أن يجهل ما قصده المتكلّم من الخطاب مع معرفة وضعه ؛ لقيام قرينة صارفة عنه مع عدم تعيين شيء من المجازات ، أو لاتّصال الكلام بمجمل يسري إلى الكلّ كالعامّ المخصّص بمجمل.
والإجمال والبيان بهذين المعنيين إضافيّان ، فكان اللفظ لفظا مجملا بالنسبة إلى شخص ومبيّنا بالنسبة إلى [شخص] آخر وأيضا الإجمال بهذين المعنيين قابلان للزوال. وأيضا يرتفع القسمان حيث يكون من يعلم ويجهل.
وأمّا الإجمال في الدلالة فذاك ليس بهذه المثابة ، وهو يكون بقصور من اللفظ في دلالته إمّا لإبهام معناه كما في النكرات ـ بناء على وضعها للفرد المردّد ـ أو لتعدّد أوضاعه. وهذا الإجمال ذاتي للفظ لا يرتفع ببيان المراد ومعرفته من الخارج ، كما أنّ ما يقابله من المبيّن لا يكون مجملا بالعلم بعدم إرادة ظاهره وتردّد معانيه المجازيّة بين أمور ؛ وذلك لأنّ عدم الدلالة في الأوّل كالدلالة في الثاني لا يرتفع وينقلب إلى نقيضه بالعلم المذكور.
واعلم أنّ الأقسام الثلاثة من الإجمال مشتركة في أنّ الحكم في الجميع هو ترك هذا