الحقيقة الشرعيّة
لا سبيل إلى إثبات الحقيقة الشرعيّة في ألفاظ أطلقها الشارع وأراد بها معاني خاصّة كألفاظ العبادات وكلفظ الوجوب والحرمة. ودعوى التبادر في إطلاقاته رجم بالغيب.
والتمسّك بأصالة عدم حصول النقل من المتشرّعة بعد ثبوت الحقيقة في إطلاقاتهم معارض بأصالة عدم نقل الشارع لها من معانيها اللغويّة. مضافا إلى عدم الدليل على اعتبار هذا الأصل ، لعدم ثبوت بناء من العقلاء ، وعدم أثر الشرعي مترتّب عليه إن أريد به الاستصحاب المأخوذ من الأدلّة الشرعيّة.
بل لا يبعد أن يقال : إنّ أصالة عدم نقل الشارع لهذه الألفاظ من معانيها اللغويّة منضمّة إلى أصالة الحقيقة في استعمالاته لها تثبت مذهب الباقلاني (١) ؛ وأنّ استعمالات الشارع لها لم تكن إلّا في معانيها اللغويّة ، وقد أطلقها على ما اخترعه من المصاديق.
ولا يعارض هذا أصالة عدم النقل من المتشرّعة ـ بعد ثبوت الحقيقة في لسانهم ـ فإنّه
__________________
(١) أنكر القاضي أبو بكر الباقلاني القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة مطلقا ، واشتهر أنّه لم يقل به غيره ، إلّا أنّ الظاهر اختيار غير واحد لهذا القول ، ولكن قد نسب القول إلى الباقلاني لكونه أشهرهم ، كما هو المعمول في انتساب الأقوال والمذاهب.
وهو القاضي أبو بكر ، محمّد بن الطيّب الباقلاني (م ٤٠٣ ه) متكلّم أشعري. ولد في البصرة وتوفّي ببغداد. أوفده عضد الدولة سفيرا إلى امبراطور القسطنطنية. من مؤلّفاته : إعجاز القرآن ، التمهيد ، الملل والنحل. (الكنى والألقاب ٢ : ٦٣).