والمضارع مشترك بين الحال والاستقبال ، والأمر مختصّ بالاستقبال لعدم تعلّق الطلب بغيره ؛ فلا إشكال في معاني كلّ من هذه الثلاثة. والمراد من الماضي والحال والاستقبال ما ينطبق في الزمانيّات على الزمان لا خصوص الزمان. فمثل (عَلِمَ اللهُ)(١) و (جاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(٢) و «مضى الزمان» حقائق وإن لم يرد منها الزمان.
وأمّا الاسم فظاهر العنوان وإن كان قصر البحث على قسم المشتقّ منه ، بل ربما يختصّ ببعض أقسام المشتقّ ، لكنّ الظاهر عموم مناط البحث لكلّ اسم تضمّن معنى النسبة ؛ لقيام المناط بها ، فأينما كانت النسبة جاء البحث سواء كانت في المشتقّ أو في الجامد.
ولا بأس بالإشارة الإجماليّة إلى ما تمتاز به بعض المشتقّات عن بعض.
فاعلم أنّ معنى اسم المصدر الذي هو مبدأ المشتقّات هو الحدث الساذج ـ وهو الفعل اللغوي الذي قلنا : إنّه أحد البسائط ـ وهذا الحدث هو متن معاني المشتقّات ، والأصل المحفوظ الساري فيها الذي تعتور عليه المعاني الاشتقاقيّة بلا نقيصة منه ، وإن زيد عليه في كلّ بشيء.
وليس بإزاء هذا الأصل في الأغلب لفظ يخصّه ، بل باعتبار التوزيع والتقسيط يعطى لهذا المعنى الساري في معاني المشتقّات اللفظ الساري في ألفاظها. فيجعل الساري حصّة للساري ، ويقال : إنّ معنى الضاد والراء والباء في «ضرب» وقبيله من المشتقّات هو الحدث الضربي ، ومعنى القاف والتاء واللام في «قتل» وقبيله هو الحدث القتلي ، وهكذا.
وأوّل مشتقّ من هذا الأصل هو المصدر ؛ فإنّه يزيد عليه بأخذ نسبة صدوريّة أو مطاوعيّة في مدلوله كالكسب والاكتساب. وحيث إنّ المصدر مبدأ حلقة الاشتقاق بعد اسم المصدر ـ ولا لفظ غالبا بإزاء اسم المصدر ـ عدّ المصدر أصلا ومبدأ للمشتقّات ، فهو مبدأ إضافي لا حقيقي.
وإذا أضفنا أخذ الذات على معنى المصدر ـ إمّا الذات الفاعلة للحدث ، أو القابلة له ـ صار المعنى معنى فاعليّا أو مفعوليّا ومن أجله يعبّر عنه باسم الفاعل واسم المفعول ، فاسم
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٨٧ و ٢٣٥ ؛ الأنفال (٨) : ٢٣.
(٢) الفجر (٨٩) : ٢٢.