في مورد الانقضاء عينا هي تلك الذات التي كانت متلبّسة بالمبدإ وحملها عليه حمل على وجه الحقيقة ، وإن كان التلبّس منقضيا ، فمن قال : إنّ المشتقّ حقيقة في الأعمّ نظر إلى هذا القسم من الحمل ، ومن قال : إنّه حقيقة في خصوص المتلبّس نظر إلى القسم الآخر من الحمل الذي هو ظاهر القضيّة» (١). انتهى.
وليت شعري ، كيف يعقل النزاع في مقام الحمل مع الاتّفاق على المفهوم؟! فإنّ الحمل ليس إلّا الحكم باتّحاد هذا المفهوم المبيّن مع الموضوع. بل كلّ نزاع فرض في الحمل فلا بدّ أن يكون ذلك ناشئا من النزاع في المفهوم ، ومن جهة عدم تميّز المفهوم ، وإلّا فبعد تميّز المفهوم لا يبقى للنزاع في تطبيقه على الجزئيّات سبيل.
وظنّي أنّ المتوهّم خلط بين عبارة الحملين اللذين أشار إليهما ، وحسب أنّ التعبير عنهما يقع بعبارة واحدة ، مع أنّه إن أريد إفادة اتّحاد الذات مع الذات عبّر بعبارة «زيد الضارب» معرّفا ، ومشيرا باللام إلى الذات ، تنبيها على أنّ المحمول هو الذات والمبدأ قيده ؛ وإن أريد إفادة اتّحاد المبدأ مع الذات عبّر بعبارة «زيد ضارب» منكّرا ؛ وفي هذه العبارة الذات مندكّة في جانب المحمول بعد وقوع التصريح به في جانب الموضوع ؛ مع أنّه لو صحّ ما ذكره لزم عموم البحث لمن لم يتلبّس أيضا ؛ لعدم الفرق بين من انقضى عنه المبدأ ، وبين من لم يتلبّس فيما ذكره ؛ لأنّ الذات التي ستتلبّس أيضا هي عين الذات الفعلي.
وخلاصة الكلام وفذلكة المقام هو : أنّ المشتقّ لا يزيد على مبدئه إلّا بذات ونسبة بلا اعتبار التحصّل الخارجي ، فما المشتقّ إلّا كسائر الألفاظ ، وقد عرفت أنّ الألفاظ لم توضع إلّا بإزاء ذوات المعاني ، لا بإزاء المعاني بقيد الوجود الخارجي أو بقيد الوجود الذهني فالنسبة الكائنة في مفهوم المشتقّ نسبة تقرّريّة لا نسبة خارجيّة لكي تستدعي مبدأ خارجيّا.
__________________
(١) القائل هو الشيخ هادي الطهراني في المجلّد الأوّل من كتابه محجّة العلماء. ولكنّنا لم نظفر به.
وهو الشيخ هادي بن محمّد أمين الطهراني ، فقيه إمامي. ولد في طهران وهاجر إلى أصفهان في طلب العلم ثمّ إلى النجف الأشرف وتلمّذ على فاضل الإيرواني والميرزا الشيرازي والشيخ الأنصاري ثمّ استقلّ بالتدريس والإفتاء توفّي في سنة ١٣٢١ ه في النجف الأشرف ودفن هناك. له مؤلّفات منها : محجّة العلماء ، الإتقان ، تفسير آية النور (أعيان الشيعة ١٠ : ٢٣٣).