المستقبل ، مريدا بذلك التلبّس الخارجي ؛ ومعناه عدم اعتبار هذا التلبّس رأسا. وصحّ أن يقال : إنّه حقيقة في خصوص المتلبّس فعلا مريدا بذلك التلبّس في مرتبة الذات.
وهذا الأخير هو الذي ينبغي أن يكون محلّا للبحث.
وقد عرفت أنّ التلبّس النقدي معتبر في مفهوم المشتقّ ، ولا يكفي تلبّس ما والتلبّس الجامع بين الماضي والحال ؛ وقد اشتبه هذا التلبّس بالتلبّس الخارجي ـ واشتبه نزاعه بالنزاع في ذاك ـ مع أنّه لا ينبغي النزاع في ذلك.
وكان منشأ الاشتباه إطلاق المشتقّ غالبا على الخارجيّات ، فيظنّ الناظر أنّ التلبّس الخارجي المستفاد منه مستفاد من حاقّ اللفظ ومأخوذ في مفهومه ، مع أنّه لا يعتبر في مفهومه سوى ما هو في مثال : «السيف القاطع» و «السمّ قاتل». بل لو لم يطلق المبدأ على المبدأ الخارجي ـ وإنّما أطلق الذات على الذات الخارجي كما في مثال : «هذا السيف قاطع» ، و «ذلك السمّ قاتل» أيضا ـ لا يستفاد التلبّس الخارجي ، بل كان هذا الحمل صحيحا ، وإن لم يقتل هذا ولم يقطع ذاك. وكثيرا ما يغلب هذا التوهّم في مشتقّ حلّ مبدؤه في الذات كعادل وعالم وقائم ، لا ما كان مبدؤه معلولا للذات صادرا منه كقاتل وقاطع.
والسرّ هو عدم العناية في بيان مجرّد استعداد الذات لقبول المبدأ ؛ لمشاركة كثير من الذوات في هذا الاستعداد ، فيكون ذلك قرينة على إرادة التلبّس الفعلي الخارجي من المبدأ. وقد عرفت أنّ إطلاق المبدأ على الخارجيّات يستلزم كون التلبّس به خارجيّا.
وهل يعتبر عند هذه القرينة التلبّس الحالي ، أو يكفي التلبّس ولو في المضي؟ الحقّ هو الأخير ، بل البحث باطل ؛ وأنّ التلبّس لا محالة يكون في الحال ، وإنّما الماضي وعاء المبدأ ، والمبدأ يكون قد انقضى.
توضيحه : أنّ المبدأ إذا أطلق على المبدأ الخارجي ، فتارة يطلق على مبدأ فعلي ، وأخرى يطلق على مبدأ انقضائي ؛ وفي كلا التقديرين كان التلبّس به حاليّا وإنّما المبدأ قد انقضى ، بل حاليّته ينوط بانقضاء المبدأ كما في الفعل الماضى ، وإلّا لم يكن التلبّس تلبّسا بمبدإ قد انقضى فإذا أريد من القيام في «زيد قائم» القيام الأمسي المنصرم فعلا كان زيد فعلا متلبّسا بأنّه انقضى عنه القيام ، فالمضي واقع في ناحية المبدأ لا في جانب التلبّس ، بل تلبّسه الفعلي يكون بعين انقضاء المبدأ.