بالشيء النهي عن ضدّه.
نعم ، البحث عن الأصول العمليّة الشرعيّة ، وكذا البحث عن الأمارات الشرعيّة ـ بناء على كون مؤدّياتها جعل الأحكام ظاهريّة أو واقعيّة كما هو مذهب السببيّة ـ يكون داخلا في المباحث الفقهيّة ؛ وإنّما يكون من مباحث الأصول بناء على القول في الأمارات بجعل الحجّيّة ، وكان ذلك بحثا عن ثبوت الحجّة الشرعيّة.
وبالجملة : كلّ ما كان باحثا عن الحجّة العقليّة أو الشرعيّة كان داخلا في علم الأصول ، وكلّ ما كان باحثا عن ثبوت حكم فرعي ـ ولو ظاهري ـ على طبق ما قامت عليه الحجّة كان داخلا في المباحث الفقهيّة.
لكنّ المختار عندنا عدم الجعل في شيء من الأمارات والأصول لا للحكم ولا للحجّة ، وإنّما الأمارات والأصول هي تقادير فعليّات الأحكام الواقعيّة ، والمجعول هو الأحكام الواقعيّة لا مجعول سواه. وهذه الأحكام فعليّة إذا نهض عليها أمارة أو أصل ، وغير فعليّة إذا لم ينهض ، وهذا ليس التزاما بتأثير الأصل أو الأمارة في جعل الحكم ليطابق مسلك السببيّة ، إنّما التأثير للواقع. فالمناطات الواقعيّة مؤثّرة في إنشاء تكاليف فعليّة مع مصادفة أمارة أو أصل لها ، غير مؤثّرة مع عدم هذه المصادفة.
وهذا بالنتيجة يطابق القول بجعل الحجيّة ، لكنّه ليس قولا بجعل الحجّيّة ، وإنّما كان أمر الشارع بالعمل على طبق الأصول والأمارات أمرا احتياطيّا ؛ لأجل صيانة الواقعيّات التي هي فيها ، بل هذا الحكم أيضا عقلي في موضوع درك كيفيّة تأثير الواقعيّات. وقد نبّه الشارع بأمره بالعمل على طبق الأمارات والأصول على كيفيّة تأثيرها وأنّها مؤثّرة تارة وغير مؤثّرة أخرى ، ومدار تأثيرها على قيام أمارة أو أصل عليها.
هذا في الأصول والأمارات المثبتة للتكليف ، وأمّا الأمارات والأصول النافية له فمعنى اعتبارها هو رفع اليد عن التكاليف الواقعيّة ، وعدم فعليّة الواقعيّات التي هي فيها كما في موارد خلت عن الحجّة رأسا. والتفصيل موكول إلى محلّه.
هذا حال الأمارات والأصول.
أمّا مباحث الألفاظ فهي تبحث عن أحوال الحجّة وعوارضها وهو الظهور. وعنوان البحث وإن كان عامّا لا يختصّ بخصوص ألفاظ الكتاب والسنّة ، لكن أخذ العنوان العامّ