التعبّدي والتوصّلي
هل قضيّة الأصل اللفظي في الأوامر من عموم أو إطلاق هو التوصّليّة ، أم هو التعبّديّة ، أولا ظهور يقتضي شيئا منها ، فكان ينبغي في مورد الشكّ الرجوع إلى الأصول العمليّة من براءة أو قاعدة اشتغال؟ وليعلم مقدّمة أنّ كيفيّة دخل قصد القربة في العبادات المعلومة العباديّة يتصوّر على وجوه :
الأوّل : أن يكون دخيلا بنحو جزء المأمور [به] وشرطه ، يعني أن يكون متعلّقا للطلب العبادي ومأخوذا تحت أمره.
الثاني : أن يكون مأمورا به بأمر مستقلّ.
الثالث : عدم الأمر به بوجه من الوجوه ، وإنّما العقل كان ملزما به لأجل ما علم من دخله في حصول غرض المولى ، والمفروض وجوب تحصيل غرض المولى ، بل أمره لا يسقط ما دام الغرض الداعي إلى الأمر باقيا لم يحصل.
أمّا الوجه الأوّل فباطل بما أنّه تكليف بالمحال ، وإن كانت الاستحالة ناشئة من أخذ قصد الأمر تلو الأمر ؛ إذ بمجرّد الأخذ المذكور يخرج الأمر عن قابليّة كونه داعيا ـ وإن كان لو لا الأخذ لكان الفعل بمكان من الإمكان ـ وذلك أنّ الأمر إن دعا فإنّما يدعو إلى تمام ما تعلّق به ، وبه تحدث الإرادة في نفس المكلّف بإتيان تمام ما دعا إليه المولى ؛ فإنّ إرادة العبد في مقام المطاوعة والتأثّر عن إرادة المولى هي طبق إرادة المولى لا تخالفها بشعرة ، بل تضع قدمها موضع قدم تلك ـ بلا زيادة ونقيصة ـ وهذه الإرادة الواحدة تبعث إلى إتيان الأجزاء