واعلم أنّ هذا البحث من متمّمات مبحث تعلّق الأمر بالطبائع أو الأفراد ، ومتفرّع على القول بالتعلّق بالأفراد ـ سواء أريد من المرّة والتكرار ، الفرد أو الأفراد أو الدفعة والدفعات ـ فكان ينبغي أن يذيّل به ذلك المبحث لا أن يبحث عنه مستقلّا.
وقد يتوهّم عموم هذا البحث وجريانه على كلّ من القول بتعلّق الأوامر بالطبائع والقول بتعلّقه بالأفراد ؛ لأنّ القائل بتعلّقها بالطبائع لا يقول بتعلّقها بالطبائع من حيث هي ، بل يقول بتعلّقها بوجود الطبائع (١).
ويدفعه : أنّ مجرّد دخل الوجود في متعلّق الأمر لا يوجب افتتاح هذا البحث ؛ إذ الوجود مع قطع النظر عن كلّ خصوصيّة لا كثرة فيه ولا تعدّد وإنّما تأتي الكثرة في المتعلّق بدخل الخصوصيّات فيه ، فمع هذا الدخل يجيء نزاع المرّة والتكرار لا مع عدم هذا الدخل.
ثمّ النسبة بين المرّة والتكرار ، والفرد والأفراد ، عموم وخصوص مطلق ؛ إذ الأفراد عبارة عن مطلق الكثرات ، والتكرار عبارة عن خصوص الكثرات التدريجيّة الزمانيّة. ويرادف المرّة والتكرار ، الدفعة والدفعات.
وليعلم أنّ القائل بالمرّة لا يريد بها المرّة بشرط لا ـ بحيث لو أتى بالمتعدّد بطل الجميع ـ بل يريد المرّة لا بشرط عن الزيادة ، فإذا زاد اختصّت الزيادة بالبطلان ، وإذا كان الإتيان بالجميع دفعة واحدة صحّ واحد لا بعينه. وفي هذا يمتاز القول بالطبيعة عن القول بالأفراد ؛ فإنّه يصحّ الجميع على ذلك القول.
ثمّ إنّ اتّصاف الواحد لا بعينه بصفة المطلوبيّة ليس بعزيز ؛ فإنّ الحال في عامّة موارد تعلّق الطلب بمفاد النكرة كذلك.
ويمكن المناقشة في المقام بأنّه إن أريد من المرّة ذات ما هو مرّة لزم حصول الامتثال بالجميع ، لأنّ كلّ ما هو واحد مرّة في ذاته ، وإن أريد ما لم ينضمّ إليه غيره بطل الجميع مع الانضمام. وعلى كلّ تقدير كان القول بحصول الامتثال بواحد لا بعينه باطلا.
تذييلان
الأوّل : إذا تحقّق شيء من الاحتمالات الثلاث وتحقّق استظهاره فهو ، وإلّا فإن كان
__________________
(١) المتوهّم هو صاحب الفصول. انظر الفصول الغرويّة : ٧١.