الدوران بين الثلاث ، أو بين الطبيعة والتكرار وجب الاحتياط ؛ لأنّه يكون من قبيل دوران الأمر بين إكرام طبيعة العالم وبين إكرام زيد العالم.
وإن كان الدوران بين المرّة والتكرار جرت البراءة عن الزائد على المرّة بلا إشكال على تقدير كون الزيادة على المرّة ـ على تقدير وجوبه ـ واجبا مستقلّا ، وبناء على القول بالبراءة في الأقلّ والأكثر الارتباطيّين إن كانت الزيادة جزء من الواجب.
وإن كان الدوران بين الطبيعة والمرّة فلا أثر له لكفاية المرّة على كلّ حال.
وتظهر الثمرة في جواز الإتيان بأزيد من المرّة دفعة واحدة بعنوان الامتثال.
الثاني : إذا أتى المكلّف بفردين من أفراد الطبيعة دفعة واحدة فعلى القول بالتكرار يتّصف الجميع بالوجوب ، وكذا على القول بالطبيعة ـ لكن بشرط الإتيان دفعة وأما إذا أتى تدريجا كان المتّصف بالوجوب هو الفرد المأتي به أوّلا وبه يسقط الطلب ، فيبقى ما عداه لغوا إلّا إذا قلنا بأنّه يعقل التخيير بين الأقلّ والأكثر فحينئذ يقع الجميع امتثالا للتكليف ، وكان وقوع الامتثال بالفرد الأوّل مراعى بعدم لحوق غيره ومع اللحوق يكون الامتثال بالجميع.
لا يقال : إنّا لو قلنا بالمعقوليّة فذلك في التخيير الشرعي والمقام أجنبي عنه.
لأنّا نقول : لا فرق في المعقوليّة وعدمها بين التخيير الشرعي والعقلي ، فلو قلنا بالمعقوليّة اقتضى إطلاق الخطاب بالطبيعة اتّصافها بالوجوب ـ وقعت في ضمن فرد واحد أو أفراد ، كانت الأفراد دفعيّة أو تدريجيّة ـ ولازمه حصول الامتثال في جميع الفروض. وهذا على كلّ من القول بالطبيعة والتكرار.
وأمّا على القول بالمرّة فمع الإتيان بواحد لا إشكال ، ومع الإتيان بالمتعدّد فقد تقدّم الكلام فيه. ويشاركه في ذلك كلّ مورد تعلّق الأمر بمفاد النكرة ، أو التثنية والجمع ، أو شيء من مراتب الأعداد ، ثمّ زاد المكلّف زيادة دفعيّة في مقام الامتثال.
هذا في غير العبادات ، وفي العبادات يكون فرض المسألة فيما إذا تعدّد المقصود به التقرّب. ثمّ لم يضرّ ضمّ الأجنبي في حصول التعبّد بالمنضمّ إليه ، وأمّا إذا كان المقصود به التقرّب واحدا فلا إشكال وإن ضمّ إليه ألف بلا نيّة التقرّب ؛ فإنّه كلا ضمّ في عدم تأثيره في الضمّ إليه.