على الاستحباب لعين الوجه المذكور.
وأمّا استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق فذلك لا يوجب صرف ما ظاهره الإلزام المولوي إلى الإرشاد ؛ مع استقلال العقل في موضوع ثبت فضيلة أوّل الوقت [فيه] ، أو احتمل المكلّف طروء بعض الأعذار [عليه] ، بل في هذا لا يبعد إلزام العقل بمسارعة وعدم الترخيص في التأخير ؛ لأنّ العقل إنّما يرخّص في التأخير ويمنع عن الترك رأسا ؛ وفي مثل هذا يحتمل أن يكون الترك في أوّل الوقت تركا رأسا لا تأخيرا مع الإتيان بالفعل في سائر الأوقات.
تذنيب
إذا قلنا بالفور ثمّ أخّر المكلّف فهل يكون الفعل باقيا على صفة الوجوب أم لا؟ ثمّ على تقدير البقاء فهل يجب أيضا فورا وهكذا ، أم لا؟ فلنا بحثان :
الأوّل : بقاء الفعل في الأزمنة المتتالية على صفة الوجوب وعدمه. والحقّ أنّ هذا مبني على أنّ الفور قد استفيد من دليل خارج كالآيتين ، أو من ظاهر نفس الخطاب.
فعلى الأوّل ، الأوّل (١) ؛ لأنّ ظاهر الدليل الخارج مطلوبيّة الفور مستقلّا لا قيدا للمطلوب الأوّل ، فكان إطلاق خطاب وجوب الفعل محفوظا في باقي الأزمنة ، وقضيّة هذا الإطلاق استمرار الوجوب. هذا إذا كان للخطاب إطلاق ، وإن كان في مقام الإهمال استصحب الوجوب.
وعلى الثاني ، الثاني (٢) ؛ لأنّ ظاهر الخطاب وحدة المطلوب والطلب ، وكون الفور قيدا من المطلوب الأوّل ؛ فإذا فات الفعل في الزمان الأوّل لم يبق ما يقتضي الوجوب في الزمان الثاني ، ولا يقتضي الاستصحاب ذلك بعد أن كان الزمان قيدا.
ودعوى أنّ عدم جريان الاستصحاب مختصّ بالمؤقّت إذا فات وقته ـ دون المقيّد بالزمان ـ مدفوعة بعدم الفرق بينهما ؛ فإنّ مناط عدم الجريان هو عدم اتّحاد القضيّة المشكوكة والمتيقّنة ، وذلك فيهما حاصل ، مع أنّا لا نعقل الفرق بين الموقّت والمقيّد إلّا في مجرّد العبارة.
__________________
(١) أي بناء على استفادة الفور من دليل خارج كالآيتين يبقى الفعل على صفة الوجوب في الأزمنة المتتالية.
(٢) أي بناء على استفادة الفور من ظاهر نفس الخطاب فالفعل لا يبقى على صفة الوجوب في الأزمنة المتتالية.