الإجزاء
هل الإتيان بالمأمور به يقتضي الإجزاء ، أو لا؟ إشكال. وقبل الشروع في البحث نذكر أمورا ممّا لا بدّ منها :
الأوّل : أنّ عنوان البحث في كلماتهم مشتمل على قيد «على وجهه» ، وقد تركناه إذ لم نجد له فائدة سوى التوضيح ؛ إذ كلّ قيد داخل في المأمور به فهو مشمول للفظ المأمور به ، وكلّ ما هو خارج لا يجب إتيانه شرعا ولا عقلا.
نعم ، من اعتبر قصد القربة في العبادات من باب حكم العقل ـ لأجل تحصيل الغرض لا لأجل دخله في المأمور به ـ لزمه تقييد العنوان بهذا القيد قاصدا به الوجه العقلي أعني قصد القربة. لكنّا لا نسلك هذا المسلك ولا غيرنا ، فاللازم علينا جميعا ترك هذا القيد.
الثاني : مادّة الاقتضاء تطلق بمعنى واحد على القاضي ، وقضاء الله ، والأحكام الاقتضائيّة ، والأمر يقتضي الفور ، والنار تقتضي الحرارة ، والقياس يقتضي نتيجة كذا ، فليس التأثير ولا الدلالة إلّا جزئيّا من جزئيّات ذاك المعنى العامّ ، لا أنّ كلّا منهما من معاني اللفظ مستقلّا في عرض الآخر.
والمعنى الجامع بين موارد إطلاقه الساري في جميعها هو تعيين شيء لآخر في أمر من الأمور. فاقتضاء اللفظ للمعنى هو تعيينه له في مقام الدلالة. واقتضاء العلّة للمعلول هو تعيينه له في التأثير في التحقّق ، ومن ذلك الاقتضاء في العنوان ؛ فإنّه بمعنى تعيين الامتثال جانب سقوط الأمر.