أفرادها ـ وكان مجموع ما أتى به امتثالا واحدا للطلب كما في النهي بعينه ـ وهذا غير السريان الذاتي الثابت للطبيعة.
وممّا ذكرنا ظهر لك أنّ البحث في الإجزاء بالنسبة إلى الأوامر الواقعيّة صغروي ـ كصغرويّة البحث في إجزاء الأمر الظاهري أو الاضطراري عن الأمر الواقعي ـ لا كما توهّم من كبرويّة هذا البحث على خلاف ذينك البحثين ، ومال هذا البحث إلى أنّ متعلّق هذا الطلب هل هي الطبيعة بشرط العموم ، أو ذات الطبيعة اللابشرط؟
المقام الثاني : في إجزاء امتثال الأمر الاضطراري.
فاعلم أنّ الأمر الاضطراري يتصوّر على وجوه :
الأوّل : أمر حدث بالاضطرار ، بدلا وعوضا عن الواقع.
الثاني : ما كان من بقايا الأمر الاختياري على أن يكون في حال الاختيار مطلوبان : أحدهما أصل الفعل ، وثانيهما خصوصيّته المتعذّر فعلا ، وقد أوجب التعذّر سقوط المطلوب الثاني مع بقاء المطلوب الأوّل. وفي عدّ هذا أمرا اضطراريّا تسامح ؛ إذ ليس هذا شيئا قد حدث بالاضطرار ، وإنّما الاضطرار أسقط ما تعذّر وبقي الفعل على مطلوبيّته الأصليّة.
الثالث : أمر أوجبه الاضطرار ـ كسائر العناوين الموجبة للأحكام ـ بلا مساس له بالواقع الذي اضطرّ إليه ، بل تحدث مصلحة مستقلّة في عرض الواقع في ظرف الاضطرار كما تحدث مصلحة وجوب الاتفاق في موضوع حدوث الازدواج.
أمّا ما كان من قبيل الأوّل [وهو] الواجب بعنوان البدليّة عن الواقع ـ المستكشف ذلك من كون دليله ناظرا إلى دليل الواقع شارحا لدليله بما يشمل الفعل الاضطراري حال الاضطرار ـ فالحقّ أنّه يجزي عن الواقع ويسقطه عن الذمّة بالمرّة ، وهذا كدليل التيمّم الدالّ على أنّه أحد الطهورين ؛ فإنّه بدلالته هذا يدلّ على إسقاطه للواقع كإسقاط الفرد الاختياري ، فكما يفسّر دليل الواقع بالتوسعة للفرد الاضطراري كذلك يفسّر دليل «اقض ما فات» (١)
__________________
(١) لم يرد في المصادر حديث بهذا اللفظ إلّا أنّه يصطاد هذا المعنى من بعض الأحاديث فراجع نموذجا : الكافي ٣ : ٤٣٥ / ٧ ؛ التهذيب ٣ : ١٦٢ / ٣٥٠ باختلاف يسير ؛ وسائل الشيعة ٨ : ٢٨٦ أبواب قضاء الصلوات ، ب ٦ ، ح ١ ؛ وفي عوالي اللئالي ٢ : ٥٤ / ١٤٣ نقل قوله : «ما فاتتك من فريضة فاقضها كما فاتتك».