اعتبار الأصل أو الأمارة اقتضى معاملة الواقع معهما وفرضهما هو هو ؛ فكما أنّ الواقع لو أتي به لأجزأ ، كذلك هما.
فدليل «صدّق» يقطع لسان إطلاقين ـ إطلاق دليل الواقع فيما إذا انكشف الخلاف في الوقت ، وإطلاق دليل القضاء فيما إذا انكشف الخلاف في خارج الوقت ـ مع كون المكلّف عاملا بالأمارة أو الأصل دون ما إذا لم يكن عاملا ؛ فإنّه لا إشكال في وجوب الإعادة والقضاء حينئذ أخذا بالإطلاقين.
هذا في الأصول والأمارات المثبتة للحكم ، وأمّا النافية له ـ وقد ترك المكلّف من أجله الفعل ـ فمع انكشاف الخلاف في الوقت يجب العمل بالواقع ، ومع انكشافه في خارج الوقت لا يجب. والسرّ في ذلك هو أنّ معاملة عدم التكليف الذي هو مفاد «صدّق» الموجّه إلى الدليل النافي في تمام الوقت هو عدم القضاء ، كما إذا لم يكن تكليف واقعا في تمام الوقت. وهذا بخلاف معاملة عدم التكليف في بعض الوقت ؛ فإنّه ليس لازمه عدم الإتيان بالفعل في البعض الآخر.
الثاني : جعل الأحكام الظاهريّة على طبق مؤدّيات الأصول أو الأمارات ـ إمّا مطلقا أو في خصوص صورة الخطأ مع تنجّز الواقع بنفسه في صورة الإصابة ـ وهذا إمّا لحدوث المصلحة في المؤدّى بقيامها وهو مسلك السببيّة ، أو لاقتضاء مصلحة التحفّظ على الواقعيّات ؛ ذلك لما في ترك نصبها من فوات الواقعيّات كثيرا. وأيّا منهما كان ، لا يختلف بذلك الحكم في المقام وإنّما الإجزاء وعدمه يدور مدار لسان دليل جعل الأمارة والأصل نحو ما تقدّم في الأمر الاضطراري. فإن كان بلسان توسعة الواقع وأنّه هو مؤدّى الأصل والأمارة أجزأ امتثاله عن الواقع في الوقت وخارجه ، وإن كان بلسان الجعل الابتدائي في عرض الواقع لم يجزئ.
ولا وجه لتوهّم حكومة دليل الأصل في الموضوعات على الواقع دون دليله في الأحكام ودون دليل الأمارات مطلقا (١) ؛ فإنّ الكلّ من واد واحد في الحكومة وعدمها فكيف يفرّق في دليل واحد بين مصداقيه؟!
كما لا وجه لتوهّم الفرق في الإجزاء وعدمه بين الأصول والأمارات في الموضوعات
__________________
(١) كفاية الأصول : ٨٦.