وفيه : منع عدم قبول الجزئي للتقييد ؛ فإنّه يقيّد بحسب الأحوال كما يقيّد الكلّي بحسب الأفراد.
وأمّا الكلام في الواجب المعلّق فقد ظهر لك في المقام السابق أنّ الواجبات المشروطة كلّا معلّقة ، ولا يعقل عود التعليق في الواجبات المشروطة إلّا إلى متعلّق الطلب لا هو نفسه.
ومع ذلك فقد أحاله بعض السادة المحقّقين ممّن عاصرناهم (١) ، زعما منه بأنّ كلّ قيد هو للمادّة فلا بدّ من أن يدخل تحت الطلب ، فإذا دخل تحت الطلب صار معروضا للحكم ، وإذا صار معروضا للحكم وجب تحصيله كسائر الشرائط الواجب. فلا ينقسم شرط الواجب إلى ما يجب تحصيله وإلى ما لا يجب ليخصّ أحدهما باسم المنجّز والآخر باسم المعلّق ، بل الكلّ منجّز وشرط الكلّ يجب تحصيله. ومن التناقض أن يدخل القيد تحت الطلب ، ثمّ لا يجب تحصيله.
فتقسيم الواجب إلى معلّق ومنجّز لا أصل له وإنّما التقسيم للوجوب إلى مطلق ومشروط ، فمهما كان من قيد لم يجب تحصيله كان ذلك قيدا وشرطا معلّقا عليه الحكم لا محالة ، ومهما كان من قيد هو للواجب كان ذلك قيدا واجب التحصيل ، وليس يجتمع أن يكون قيد هو للواجب ومع ذلك لا يجب تحصيله. وحيث إنّ الشرط في التكاليف المشروطة لا يجب تحصيله بالضرورة والفرض فالتكاليف بالنسبة إليه مشروطة لا محالة. هذا غاية تقريب اللامعقوليّة.
ويدفعه : أنّا ننقل الكلام إلى ما يراه معقولا ، وهو توجّه الطلب بعد تحقّق الشرط في القضيّة الشرطيّة ، ونقول :
لا إشكال في أنّ معروض الطلب حتّى عند تحقّق الشرط ليس هي الطبيعة المطلقة
__________________
(١) هو سيّد محمّد الفشاركي الأصفهاني. فقد نقل عنه تلميذه الشيخ محمّد رضا النجفي الأصفهاني في كتابه ـ انظر وقاية الأذهان : ٢١٨ و ٢١٩ ـ هذا المضمون عنه. واسمه سيّد محمّد حسين بن محمّد جعفر الفشاركي ، ولد في قرية «فشارك» من توابع أصفهان في سنة ١٢٥٣ ه سافر إلى العراق وهو ابن إحدى عشرة سنة وجاور الحائر الشريف وكفّله أخوه سيد إبراهيم المعروف ب «الكبير» وفي سنة ١٢٨٦ ه هاجر إلى النجف وحضر بحث ميرزا الشيرازي ثمّ هاجر معه إلى سامرّاء و.... وبعد وفاة أستاذه رجع إلى النجف سنة ١٣١٢ ه واستقلّ بالتدريس وتوفّي سنة ١٣١٦ ه ودفن في الصحن الشريف. (وقاية الأذهان : ١٤٣ ـ ١٤٦).