وقد يكون مع الجهل بمقدار اقتضاء الجسم للحركة ، فإن قلنا بالتعميم في اعتبار الاستصحاب بين الشكّ في المقتضي والرافع جرى الاستصحاب في القسمين ، وإلّا اختصّ الاستصحاب بما إذا علم مقدار اقتضاء الجسم للحركة.
واعلم أنّ القول بالاستصحاب في الأمور التدريجيّة إنّما يجري فيما إذا شكّ في الحركة مع اتّحاد معروض الحركة ـ أعني الجسم المتحرّك ـ كما في حركة الفلك ، أو حركة زيد ، أو جريان ذلك الجزء من الماء الذي علم بجريانه أوّلا إذا شكّ في ركوده.
وأمّا إذا شكّ في جريان جزء آخر كما في جريان الماء من الساقية وسيلان دم الحيض فاستصحاب الجريان والسيلان موقوف على توسّع آخر وراء ما توسّع في استصحاب الأمر التدريجي بأن يدّعى أنّ مجموع الماء والدم الآخذين بالجريان والسيلان موضوع واحد في نظر العرف ما لم يحصل الفصل بين أجزائه ، وجريانه جريان واحد ، فيستصحب هذا الجريان إذا قطع بحصوله وشكّ في نفاده وإن كان المقطوع بحسب الدقّة جريان جزء والمشكوك جريان جزء آخر.
أو يقال ـ نظير ما قلناه في تقرير الاستصحاب في نفس الحركة مع اتّحاد معروض الحركة ـ :. إنّ الماء الجاري كان في الساقية والدم السائل كان في فضاء الفرج والآن كما كان ، فيكون حدوثه بوجود فرد من هذا الكلّي واستمراره بوجود فرد آخر ، فيكون نفس الحركة ومعروض الحركة كلاهما متبدّلان بفرد آخر كما كان المتبدّل في أصل المسألة نفس الحركة مع اتّحاد معروضها ، فيبتني على جريان الاستصحاب في القسم الثالث.
ثمّ إنّ هذا القسم أيضا ينقسم إلى الشكّ في المقتضي والرافع ؛ فإنّ كمّيّة الماء الاخذ في الجريان من المنبع قد يكون معلوما وقد شكّ في نفاده ، وقد يكون مجهولا ولأجله شكّ في بقاء الجريان ، فيبتني جريان الاستصحاب في القسمين على التعميم في الاستصحاب بين الشكّ في المقتضي والرافع.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ وحدة الحركة الاختياريّة وتعدّدها ليس بوحدة الداعي وتعدّده بل بالاتّصال العرفي بين أجزاء تلك الحركة وعدمه ، فالمتّصل في الخارج ـ ولو كان كلّ جزء بداع غير داعي الآخر ـ واحد والمنفصل ـ ولو كان المجموع بداع واحد ـ متعدّد. وعليه فإذا علم صدور الحركة بداعي كذا ثمّ احتمل استمرارها بداع آخر كان استصحابها من قبيل