والعالم لترتيب آثار الزوجيّة والعالميّة.
توضيح ذلك : أنّ الشكّ تارة يكون في كلّ من الذات والعنوان ، فيشكّ في وجود زيد ثمّ على تقدير الوجود في زوجيّته وعالميّته ، وأخرى لا يكون شكّ في العنوان على تقدير بقاء الذات بأن علم أنّه لو كان الذات فهو زوج وعالم ، ويكون الشكّ فيه لأجل الشكّ في بقاء الذات.
وعلى الأوّل تارة يكون العنوان مسبوقا باليقين كالذات ويكون قد تمّ فيه أركان الاستصحاب ، وأخرى لا يكون.
لا إشكال في عدم ثبوت أحكام العنوان باستصحاب الذات في جميع الأقسام من غير فرق بين المنتزع من مبدأ انتزاعي كالزوجيّة والحرّيّة ، والمنتزع من مبدأ خارجي منضمّ إلى الذات كالعالميّة والأبيضيّة ، غاية الأمر إن كان تمّ أركان الاستصحاب في العنوان استصحب الذات بما هو معنون بالعنوان ورتّب آثار الذات بما هو وبما هو معنون ، وإلّا لم يرتّب إلّا آثار الذات وإن علم بالعنوان على تقدير بقاء الذات.
الثاني : لا ريب في أنّ التكليف من الأمور الاختياريّة ، فكما أنّ للمولى أن يكلّف عبده له ألا يكلّف ، وليس كلّ من التكليف وعدمه ضروريّا. وأيضا للمولى أن يخبر عن كلّ من التكليف وعدم التكليف ، أو ينشئ على طبق كلّ منهما.
إنّما الإشكال في أنّ عدم التكليف أمر مجعول حتّى يجري فيه أو لأجل ترتيبه الاستصحاب ، أو ليس إلّا عدم الجعل؟
وقد ذهب حضرة الأستاذ [إلى] أنّ عدم التكليف في استصحاب البراءة الأصليّة وإن لم يكن حكما مجعولا في الأزل ، ولا ذا حكم ، إلّا أنّه حكم مجعول فيما لا يزال (١).
وفيه : أنّ عدم الفرق بين عدم التكليف فيما زال وبينه فيما لم يزل في المجعوليّة وعدمه أوضح من أن يحتاج إلى البيان ، وهل يعقل الميز بين عدم وعدم مع أنّ عدم معقوليّة الجعل في العدم ممّا لا ينبغي أن يرتاب فيه؟! وهل الأحكام المجعولة التكليفيّة تزيد عددها على خمسة؟ إلّا أن يؤوّل قوله : «لا أريد منك» إلى جعل الإباحة والترخيص ، وقلنا : إنّ الإباحة حكم مجعول.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤١٨.