لكن جملة واحدة فرد واحد من عموم «صدّق» لا فردين أو أزيد بحسب مداليلها العرضيّة والطوليّة ، فإذا لم يشمل «صدّق» جملة لم يشملها بتمام مداليلها ، أو لا تتبعّض في الشمول وعدمه باعتبار مداليلها.
وأمّا الثاني : فلأنّه بذاك الملاك الذي بطل اعتبار أحدهما مردّدا أو معيّنا بالنسبة إلى المدلول المطابقي يبطل اعتباره بالنسبة إلى المدلول الالتزامي.
هذا ، ولكن يمكن أن يقال : إنّا نمنع عدم المقتضي لاعتبار أحدهما المردّد ؛ فإنّه وإن لم يكن من أفراد العامّ واللفظ لا يشمله لكن الخروج لا بعنوان يصير قرينة على بقاء اللابعنوان. مثلا لو قال : أكرم الرجلين ، ثمّ قال : لا تكرم أحدهما ـ أحدا غير معيّن واقعا ـ كان قوله ذلك قرينة على أنّ واجب الإكرام أيضا أحدهما غير معيّن. وهذا ليس من قبيل إرادة الباقي من العامّ بعد خروج الخارج بالتخصيص حتّى يقال : إنّ الفرد المردّد لم يكن من أفراد العامّ ليبقى تحته بعد خروج الخارج ، بل من قبيل قرينة المجاز.
فحسب ما بيّنّاه يكون الأصل الأوّلي في المتعارضين هو التخيير ، إلّا أن يقال بالفرق بين المثال الذي كان إخراج أحدهما بالدليل اللفظي وبين المقام الذي يعلم أنّ الاثنين جميعا غير مشمول للزوم المحذور ، وهو اعتبار معلوم الكذب في البين لا أنّ عنوان الواحد خارج ؛ لوضوح أنّ عنوان الواحد لم يكن مشمولا حتّى يكون خارجا سيّما مع العلم بكذبه.
هذا كلّه بناء على مسلك الطريقيّة في الأمارات. وأمّا على مسلك السببيّة فكذلك عينا لو قلنا بأنّ معلوم الكذب ولو إجمالا غير مشمول.
فالحال لا تخلو إمّا أن يكون التعارض من جهة العلم الإجمالي بالكذب من غير تناقض وتضادّ في مدلول المتعارضين ، أو يكون من جهة التناقض والتضادّ.
فعلى الأوّل يعمل بكلا الخبرين كما إذا لم يكن هناك تعارض ، وهو واضح.
وعلى الثاني فإمّا أن يكون مفاد الخبرين حكمين إلزاميّين أو لا ، فعلى الأوّل فإمّا أن يكون الحكمان الإلزاميّان واردين على موضوع واحد أو على موضوعين ، فعلى الأوّل يحكم بالإباحة مع تساوي الملاكين ، أو بغير الإباحة من سائر الأحكام مع اختلاف الملاكين حسب مراتب الاختلاف من كون المزيّة في أحدهما مزيّة ملزمة أو غير ملزمة ، وأيضا كون المزيّة في جانب المصلحة أو المفسدة. وعلى الثاني يحكم بالتخيير مع عدم