أمّا الثاني والثالث ؛ فلأنّ ذلك البعض إمّا أن يكون معيّنا ، أو لا.
والثاني يستلزم التكليف بالمحال ، وقد قرّرنا استحالته منه (١).
والأوّل إمّا أن يكون معيّنا باسمه كما يقال : في الفعل الفلاني [أو في الوقت الفلاني] (٢) ، أو بغير ذلك كما يقال : ما يظنّه المكلّف صوابا في وقت يظنّه على الحال المستقيم. وهو باطل ؛ لوجهين :
أحدهما : أنّه يستلزم إفحامه ؛ إذ المكلّف يقول له : إنّي لا يجب عليّ اتّباعك إلّا فيما حصل في ظنّي بأنّك مصيب فيه ، [أو] (٣) أعلم ـ وأقلّ مراتبه الظنّ ـ في وقت أعلمك أو أظنّك في الحال المستقيم ، وإنّي لم يحصل فيّ هذا الظنّ ، فينقطع الإمام ؛ إذ حصول الظنّ والعلم من الوجدانيات التي لم يمكن إقامة البرهان عليها ، وإنّما يحصل لصاحبها.
وثانيهما : أنّه المعرّف للأحكام ، فإذا لم يكن قوله حجّة كان للمكلّف أن يقول : إنّي لا أعرف هذا الحكم وإصابتك إلّا بقولك ، وقولك بمجرّده ليس حجّة عندي ، فينقطع الإمام أيضا ، فلا فائدة في نصبه البتة.
والرابع محال قطعا ، وإلّا لكان وجوده كعدمه.
فتعيّن الأوّل ، وهو وجوب طاعته دائما في كلّ الأوامر والنواهي مطلقا.
إذا تقرّر ذلك فنقول : كلّ ما أوجبه الإمام [على] (٤) المكلّف أوجبه الله تعالى عليه ، من المقدّمة الثانية.
وكلّ ما أوجبه الله تعالى على المكلّف فهو واجب عليه في نفس الأمر بالضرورة ، من [المقدّمة الأولى] (٥).
__________________
(١) قرّر ذلك في المقدّمة الخامسة من نفس هذا الدليل.
(٢) من «ب».
(٣) في «أ» : (و) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) من «ب».
(٥) من «ب».