فإن قيل : ما الدليل على أنّ قوله : (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) يفيد العموم؟
قلنا : لا شيء من المأمورات إلّا ويصحّ استثناؤه منه ، والاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لدخل ، على ما بيّنّاه في أصول الفقه (١).
ولأنّه صفة مدح ، فلو لا [العموم] (٢) لشاركوا من عداهم في ذلك ، فلم يكن لاختصاصهم بصفة المدح فائدة.
الثالث : قوله تعالى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٣) ، صريح في براءتهم عن المعاصي ، وكونهم في كلّ الأمور تابعين للأمر الإلهي والوحي.
الرابع : أنّه تعالى حكى عنهم أنّهم طعنوا في البشر بالمعصية (٤) ، ولو كانوا عصاة لما حسن منهم ذلك الطعن.
الخامس : أنّه تعالى حكى عنهم أنّهم (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٥) ، ومن كان كذلك امتنع صدور المعصية [منه] (٦).
وأمّا المقدّمة الثالثة ، وهي : أنّ الأفضل من المعصوم معصوم ، فظاهرة. وقد نبّه الله تعالى عليها بقوله : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٧).
وإذا ثبت أنّ عليّا عليهالسلام معصوم وجب أن يكون كلّ إمام معصوما ؛ إذ لا قائل بالفرق.
__________________
(١) مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ١٣٢. تهذيب الوصول إلى علم الأصول : ١٣٨.
(٢) في «أ» : (الأمور) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٧.
(٤) كقوله تعالى : (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ ...) (البقرة : ٣٠).
(٥) الأنبياء : ٢٠.
(٦) في «أ» و «ب» : (منهم) ، وما أثبتناه للسياق.
(٧) الحجرات : ١٣.