السادس : أنّه تعالى أنزل علم السحر ابتلاء من الله للناس ، من [تعلّمه] (١) وعمل به كان كافرا ، ومن [تعلّمه] (٢) لئلّا يعمل به ويتجنّبه ويحترز منه وليتوقّاه ولئلّا يغترّ به كان مؤمنا ، كما قيل : عرفت الشرّ لا للشرّ [لكن] (٣) لتوقّيه (٤).
كما ابتلى الله تعالى طالوت بالنهر ، (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي) (٥). وهذا الوجه هو اختيار المعتزلة (٦).
والجواب عن المعارضة :
أمّا عن الأوّل : [فبمنع] (٧) أنّهم أرادوا الاعتراض عليه تعالى ، بل طلبا [لتعلّم] (٨) السرّ في خلق بني آدم مع صدور الشرور منهم ؛ لأنّ الحكيم إذا علم باشتمال [فعل] (٩) على مفسدة لا يصدر منه ذلك الفعل إلّا لحكمة عظيمة ومصلحة تامّة تستحقر في الحكمة تلك المفاسد بالنسبة إلى وجود المصالح ، فأراد الملائكة [بسؤالهم] (١٠) أن [يعلمهم] (١١) الله تعالى بتلك الحكمة.
وأيضا : فإنّ إيراد الاعتراض لمعرفة الجواب وحلّ وجه الإشكال والشبهة ليس بقبيح ، ولا يشتمل على إنكار.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : (يعلمه) ، وما أثبتناه للسياق.
(٢) في «أ» و «ب» : (يعلمه) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) في «أ» : (كان) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) انظر : التفسير الكبير ٣ : ٢١٨.
(٥) البقرة : ٢٤٩.
(٦) انظر : التفسير الكبير ٣ : ٢١٤.
(٧) في «أ» : (فيمتنع) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) في «أ» : (التعلّم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٩) في «أ» : (فصل) ، وما أثبتناه من «ب».
(١٠) في «أ» : (لسؤالهم) ، وما أثبتناه من «ب».
(١١) في «أ» : (يعلمه) ، وما أثبتناه من «ب».