وأيضا : فإنّ [سؤالهم] (١) كان على وجه المبالغة في إعظام الله تعالى ، فإنّ العبد المخلص لشدّة حبّه لمولاه يكره أن يكون له عبد يعصيه. ولم يذكروا ذلك عن بني آدم غيبة لهم ، بل لمّا كان (٢) محلّ الإشكال في خلق بني آدم إقدامهم على الفساد وسفك الدماء ، ومن أراد إيراد السؤال وجب أن يتعرّض لمحلّ الإشكال [لا] (٣) لغيره ، فلهذا السبب ذكروا من صفات بني آدم هاتين الصفتين.
قوله : إمّا أن يكون قد علموا ذلك بالوحي ، أو بالاستنباط.
قلنا : جاز أن يكون [بالوحي ، وجاز أن يكون] (٤) بالإلهام. وإعادته عليه تعالى على سبيل الاستفادة ، كما قرّرنا ، فلا محذور.
وعن الثاني : و [هو] (٥) قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) (٦) لا يدلّ ذلك على أنّهم معذّبون بها ، بل يريد [به] (٧) خزنة النار والمتصرّفين في النار والمدبّرين لأمرها.
وعن الثالث : لا نسلّم أنّ إبليس كان من الملائكة ؛ لأنّه تعالى أخبر عنه في موضع آخر أنّه كان من الجنّ (٨).
الثاني والثلاثون : الإمام أفضل من أنبياء بني إسرائيل أو مساو لهم ، وأنبياء بني إسرائيل أفضل من الملائكة ، فالإمام أفضل من الملائكة بطبقتين. والملائكة قد وصفهم الله تعالى ومدحهم بصفات :
__________________
(١) في «أ» : (سواهم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) في «أ» زيادة : (لهم) بعد : (كان) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٣) في «أ» : (إلّا) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) من «ب».
(٥) في «أ» و «ب» : (هي) ، وما أثبتناه للسياق.
(٦) المدّثّر : ٣١.
(٧) من «ب».
(٨) وذلك في قوله تعالى : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (الكهف : ٥٠).