فقوله : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى ...) الآية ، معناه أنّه تعالى اصطفاهم على كلّ المخلوقات ، ولا شكّ أنّ الملائكة من المخلوقات.
فهذه الآية الكريمة تقتضي أنّه تعالى اصطفى هؤلاء الأنبياء على الملائكة.
وأمّا المقدّمة الثالثة ؛ فلما (١) بيّنّا (٢).
وأمّا المقدّمة الرابعة فضرورية.
واعترض الإمام فخر الدين الرازي على المقدّمة الثانية بأنّ الكلّية منقوضة بقوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣) ، فإنّه لا يلزم أن يكونوا أفضل من الملائكة ومن محمّد صلىاللهعليهوآله ، فكذا هنا (٤).
وأيضا : قال تعالى في حقّ مريم عليهاالسلام : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) (٥) ، ولم يلزم كونها أفضل من فاطمة عليهاالسلام ، فكذا هنا.
والجزئية لا تنتج كبرى في الشكل الأوّل (٦).
والجواب : أنّ هذا الإشكال مدفوع ؛ لأنّ قوله تعالى : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) خطاب للأنبياء الموجودين ذلك الزمان ، وحينما كانوا موجودين لم يكن محمّد صلىاللهعليهوآله موجودا في ذلك الزمان ، ولمّا لم يكن موجودا لم يكن من العالمين ؛ [لأنّ المعدوم لم يكن من العالمين] (٧) ، وإذا كان كذلك لم يلزم من اصطفاء الله تعالى إيّاهم على العالمين في ذلك الوقت أن يكونوا أفضل من محمّد صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) في «أ» زيادة : (كان) بعد : (فلما) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) بيّنه في الدليل الحادي والثلاثين من هذه المائة.
(٣) البقرة : ٤٧.
(٤) التفسير الكبير ٣ : ٥٢.
(٥) آل عمران : ٤٢.
(٦) انظر : تجريد المنطق : ٣٢. القواعد الجلية : ٣٣٧ ـ ٣٣٨. الجوهر النضيد : ١٠٦.
(٧) من «ب».