فأمّا جبرائيل عليهالسلام فإنّه كان موجودا حين قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (١) ، فيلزم أن يكون قد اصطفى هؤلاء على جبرائيل.
وأيضا : فهب أنّ تلك الآية قد دخلها التخصيص لقيام الدلالة ، وهاهنا لا دليل يوجب ترك الظاهر ، فوجب إجراؤه على الظاهر في العموم.
وقد عرفت من ذلك الجواب عن الالتزام بأنّ مريم قد اصطفاها الله على نساء العالمين ولم تكن أفضل من فاطمة عليهاالسلام ؛ [فإنّ فاطمة عليهاالسلام] (٢) لم تكن موجودة في ذلك الزمان.
وتمام التقرير كما مرّ.
الثالث والثلاثون : قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٣).
وهذه العبارة تدلّ (٤) لغة على الحصر ، ونصب إمام قائم مقام النبيّ صلىاللهعليهوآله بعده لطف ورحمة ، بل هو أعظم من بيان التكاليف الجزئية والمندوبات والمكروهات الأقلّية ؛ لأنّه أمر كلّي ، فإخلاله به ينافي الرحمة ، فيجب عليه نصب الإمام ودعوة المكلّفين (٥) إلى طاعته وتحذيرهم من معصيته.
[ولأنّ أمره قائم] (٦) مقام أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله فهو أفضل من كلّ الأمّة ، فيجب أن يكون معصوما ؛ لأنّ تسليم الأمّة كلّهم أمرهم ونهيهم وفعلهم وتركهم إلى شخص واحد غير معصوم ينافي الرحمة ، فهو معصوم ، فالإمام معصوم.
__________________
(١) آل عمران : ٣٣.
(٢) من «ب».
(٣) الأنبياء : ١٠٧.
(٤) في «أ» زيادة : (على) بعد : (تدلّ) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٥) في «أ» زيادة : (و) بعد : (المكلّفين) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٦) من «ب».