الخامس والستّون : الإمام رئيس مطلق لا رئيس زمانه أعلى مرتبة [منه] (١) ، فلا بدّ من بيان شرائط هذه الرئاسة وغايتها ، فلا بدّ من أن تبيّن (٢) الغاية أولا حتى يعرف الشرائط بطريق البرهان الإنّي.
فنقول : غاية الإمام تكميل كلّ واحد من الناس بقدر استعداد ذلك الشخص الذي يروم كماله ، فتارة يخاطب الناس بالمحكم من الخطاب ، وتارة بالمتشابه. [و] (٣) في المعقولات تارة بالبرهان ، وتارة بالخطابة ، وتارة بالجدل ، فيرشد الناس كلّا على قدر بصيرته ، ويرتّب كلّ قوم في مرتبتهم التي تليق بهم ، الرئيس في موضعه ومرتبته ، والمرءوس في مرتبته ، ويراعي جانبي الحقّ والعدل فيهم ، ويكمّل قواهم العلمية والعملية ، ويكسر قواهم الغضبية والشهوانية والوهمية ، ويقوي [القوى] (٤) العقلية في جانبي العلم والعمل على الوجه الأصوب. وغايته رفع الخطأ [عن] (٥) العالمين إن أطاعوه.
وهذا الرئيس له شروط أربعة :
الأوّل : أن يكون له الحكمة في الغاية القصوى في جانبي العلم والعمل.
الثاني : أن يكون له الفضل التامّ الذي يؤدّي إلى الغاية المطلوبة في الدين والدنيا من العلم والعمل وإرشاد الناس وغير ذلك من أنواع الفضائل ، بحيث لا يكون أحد أفضل منه لا في العلم ولا في العمل ؛ لأنّ الغاية المطلوبة من الإمام [هي] (٦) حمل المكلّفين على فعل الطاعة و [ترك] (٧) المعصية ، فلا يتمّ إلّا بطاعة المكلّف ، ولا يتمّ
__________________
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في «ب» : (نبيّن) بدل : (تبيّن).
(٣) من «ب».
(٤) في «أ» و «ب» : (قوي) ، وما أثبتناه للسياق.
(٥) في «أ» : (على) ، وما أثبتناه من «ب».
(٦) في «أ» و «ب» : (هو) ، وما أثبتناه للسياق.
(٧) في «أ» : (يترك) ، وما أثبتناه من «ب».