الثاني والثمانون : قال الله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ...) الآية (١).
وجه الاستدلال : أنّه حرّم اتّباع الشيطان بنهيه عنه ، ثمّ علّل النهي عنه (٢) بأنّه يأمر بالسوء والفحشاء (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) ، فيجب على المكلّفين الاحتراز عمّن يأمر بذلك مطلقا ؛ لوجود العلّة ، وعدم طاعته واتّباعه ، وغير المعصوم يمكن أن يأمر بذلك ، والممكن متساوي الطرفين (٣) ، ولا ترجيح.
وإن فرضنا حصول ترجيح فلا يحصل علم به ، بل إنّ فرض ظنّ فيمكن عند المكلّفين أن يطابق ويمكن ألّا يطابق ، فيحصل للمكلّف من اتّباعه خوف. ودفع الضرر (٤) واجب ؛ لما تقرّر في الكلام (٥) فلا يجوز اتّباعه ، فتنتفي فائدة الإمام.
و [لأنّ] (٦) اتّباعه حينئذ ظنّي ، فهو قول على الله بما لا يعلمون (٧) ؛ لأنّ الظنّ يستلزم [احتمال] (٨) النقيض ، والعلم [الجزم] (٩) لا يحتمله ، وتنافي اللوازم يدلّ على تنافي الملزومات ، و [قد] (١٠) نهى الله عنه ، فيكون اتّباعه مستلزما للنهي عنه ، وكلّ ما استلزم النهي فهو منهي عنه ، فيكون اتّباعه (١١) منهيّا عنه ، فلو أمر به لزم تكليف ما لا يطاق.
__________________
(١) البقرة : ١٦٨ ـ ١٦٩.
(٢) لم ترد في «ب» : (عنه).
(٣) قواعد المرام : ٤٧ ـ ٤٨. كتاب المحصل : ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٤) في هامش «ب» : (الخوف) بدل : (الضرر).
(٥) الذخيرة في علم الكلام : ٥٥٣. الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد : ١٦٢. مناهج اليقين : ٢٤٧. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٤٤٥.
(٦) في «أ» : (إنّ) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) في هامش «ب» : (يعلم) خ ل ، بدل : (يعلمون).
(٨) في «أ» و «ب» : (الاحتمال) ، وما أثبتناه للسياق.
(٩) في «أ» : (بالجزم) ، وما أثبتناه من «ب».
(١٠) في «أ» : (قال) ، وما أثبتناه من «ب».
(١١) لم ترد في «ب» : (مستلزما للنهي عنه ، وكلّ ما استلزم النهي عنه ، فيكون اتباعه).