وبالجملة ، ما دام النبيّ موجودا فيتمكّن المكلّف من الوصول إلى العلم ، فإذا مات النبيّ صلىاللهعليهوآله وجد بعده إمام واجب العصمة يفيد قوله العلم ، وهكذا كلّ إمام يفوت يوجد بعده آخر واجب العصمة إلى انتهاء الدنيا ، فدائما يحصل العلم بالأحكام للمكلّفين.
وهذا طريق [إذا جرّد] (١) الإنسان ذهنه وفكره عن العناد ، وجرّد طرفي المطلوب عمّا يعرض بسببه الغلط ، فإنّه يعلم صحّة هذا الطريق [و] (٢) فساده غيره ، وأنّ الحكيم الكامل لا يصدر منه إلّا الكمال ، وأنّ هذا هو الطريق الأكمل والدين الأقوم الذي لا يعتريه [شك] (٣).
لا يقال : الحاجة إلى الإمام منتفية بقوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (٤) ، فلو لم يكف الرسول عن الإمام لكان للناس حجّة على الله بانتفائه مع وجود الرسول ، لكنّه نفى الحجّة مع ثبوت الرسول ، وهذا يدلّ على أنّه تمام ما يتوقّف عليه التكليف ، أي لا يتوقّف على شيء آخر بعده ، فأقلّ مراتبه أن يكون هو الجزء الأخير ، فلا يكون الإمام شرطا في شيء.
ولأنّ دليلكم هذا يلزم منه أحد أمور ثلاثة :
إمّا ارتفاع التكليف مع عدم ظهور الإمام للمكلّفين.
أو إخلاله تعالى باللطف ، ويلزم منه نقض غرضه.
أو بطلان هذا الدليل على تقدير صحّته ، وهو يستلزم اجتماع النقيضين.
واللازم بأقسامه باطل ، فالملزوم مثله.
والملازمة وبطلان التالي ظاهران ، فيبطل دليلكم.
__________________
(١) في «أ» : (إلى و) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) في «أ» : (أو) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (شيء) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) النساء : ١٦٥.