الرابع : قال الله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (١).
أقول : هذا نهي عن إثبات اليد على مال اليتيم ، ثمّ استثنى (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، فهذا الاستثناء للإمام لا لغيره ، ولا يجوز لغيره التصرّف فيه ، فغير المعصوم لا يؤمن عليه ، ولا يعلم وجه الأحسن ، ولا ولاية له عليه ؛ لمساواته غيره لو لم يكن معصوما.
فلا بدّ من إمام معصوم ، وهو المراد.
الخامس : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) (٢).
كلّ غير معصوم يمكن أن يكون كذلك ، [ولا شيء من الإمام يمكن أن يكون كذلك] (٣) بالضرورة.
السادس : قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٤).
أقول : ذكر ذلك مدحا لمن يقتل في سبيل الله أو يموت في سبيل الله ، وهذا المدح لا يختصّ بأهل زمان النبيّ ، بل هي عامّة لكلّ الأزمان التي فيها إمام ، فإنّ هذه لطف عظيم في حقّ المكلّف ، فلا يختصّ بأهل زمان دون زمان.
وأيضا الإجماع من المسلمين على عمومها للأزمان التي فيها إمام.
وذلك الإمام هو الآمر بالقتال الذي إذا قتل فيه المؤمن كان في سبيل الله ، ولا
__________________
(١) الأنعام : ١٥٢.
(٢) آل عمران : ١٥٦.
(٣) من «ب».
(٤) آل عمران : ١٥٧.