الرابع : قال الله تعالى : (إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ ...) الآية (١).
دلّ [ذلك] (٢) على أنّ النبيّ إنّما يتّبع الوحي الإلهي ولا يجوز له غير ذلك ؛ لأنّ (إِنَّما) للحصر ، والناس مخاطبون بذلك ، وأنّه إنّما يأمر الناس ويهديهم إلى ما أوحاه الله تعالى من الأحكام لا غير ، و [إليه] (٣) أشار بقوله : (هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
والإمام قائم مقام النبيّ [عليهالسلام في ذلك ، ولا يجوز أن يتّبع الناس إلّا النصّ من النبيّ] (٤) أو الإمام عليهماالسلام فيما فيه احتمال ، وما هو نصّ صريح من القرآن فالنبيّ عليهالسلام يبلّغه ويحمل الناس عليه ، ولا يشارك باجتهاد مجتهد ولا برأي ولا غيره ، فلا بدّ وأن يوثق به ، ويحصل اليقين أنّه لا يخلّي (٥) شيئا منه ، ولا يأمر بغيره.
ولا يحصل ذلك إلّا بعد العلم بأنّه معصوم ، فكذا الإمام ، فيجب عصمته ، فإنّه لو لا عصمته لم يحصل للمكلّف الوثوق به ولا العلم بقوله ، فيعذر في عدم اتّباعه ؛ لدلالة القرآن في عدّة مواضع أنّه تعالى لا [يعذّب] (٦) العاصي إلّا بعد إعلامه بالبيّنات والبراهين (٧).
الخامس : قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ ...) (٨).
ذكر ذلك حجّة عليهم على وجوب اتّباعه ؛ لأنّه إنّما يتّبع ما يوحى إليه من ربّه ،
__________________
(١) الأعراف : ٢٠٣.
(٢) من «ب».
(٣) في «أ» : (إنّما) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) من «ب».
(٥) في «أ» زيادة : (منه) بعد : (يخلّي) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٦) في «أ» : (يعذر) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) كقوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء : ١٥). وقوله تعالى : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) (القصص : ٥٩). وقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) (يونس : ١٣).
(٨) الأعراف : ٢٠٣.