الثاني : قوله تعالى في الآية المتقدّمة (يبيّن آياته) جمع مضاف ، فيعمّ لما تقرّر في الأصول (١) أنّ الجمع المضاف [للعموم] (٢). ولأنّ سياق الآية يدلّ عليه ، فإنّ المراد [ببيان الآيات] (٣) التقوى ، ولا يتمّ إلّا بعموم البيان لما يحتاج [المكلّف] (٤) إليه من الواجب ليأتي به ، والحرام ليجتنبه ، والمباح ليكون مخيّرا فيه ، ولا يتمّ إلّا مع العموم.
وقوله تعالى : (لِلنَّاسِ) جمع محلّى بلام الجنس ، فيعمّ أيضا (٥).
والمراد بالبيان ما لا يحتمل غير المعنى ، بحيث يكون نصّا صريحا.
وكأنّ التقوى اجتناب [المشتبه] (٦) وركوب طريق اليقين ، ولا يحصل إلّا بالبيان المذكور ، ولا يمكن لكلّ الناس أخذ ذلك من القرآن ، وهو ظاهر ؛ لأنّ بعض دلالته بالعموم وهو ظنّي ، [و] (٧) لاشتماله على المجمل والمتشابه. والسنّة كذلك.
وليس للناس كلّهم ـ المطلوب منهم التقوى ـ [علم] (٨) بذلك كلّه من طريق الإلهام ، فلا بدّ من ولي [لله] (٩) يعلم ذلك يقينا ، ولا بدّ وأن يكون قوله متيقّن الصحة ، وليس ذلك إلّا المعصوم ، فيجب القول به ؛ لأنّه لو لا ذلك لزم أن يكون الله تعالى ناقضا لغرضه ، وهو محال.
__________________
(١) معارج الأصول : ٨٥ مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ١٢٢. المعتمد في أصول الفقه ١ : ١٩٢. روضة الناظر وجنّة المناظر ٢ : ١٢٣.
(٢) في «أ» : (العموم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) من «ب».
(٤) في «أ» و «ب» : (التكليف) ، وما أثبتناه من هامش «ب».
(٥) العدّة في أصول الفقه ١ : ٢٩١ ـ ٢٩٢. تهذيب الوصول إلى علم الأصول : ١٢٧ ـ ١٢٨. المحصول في علم أصول الفقه ٢ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧.
(٦) في «أ» : (المشبّهة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) من «ب».
(٨) في «أ» و «ب» : (علوم) ، وما أثبتناه من هامش «ب».
(٩) في «أ» : (الله) ، وما أثبتناه من «ب».