مسألة ١٠٣ : لو لم يختر المُستعير قلع غرسه ولا قلع بنائه مع الإذن المطلق فيهما ، لم يُجبر على القلع ، إلاّ أن يضمن المُعير أرش النقص ، فحينئذٍ يلزمه تفريغ الأرض من بنائه وغرسه وردّها إلى ما كانت عليه.
واعلم أنّ مَنْ جعل الأمر موكولاً إلى اختيار المُعير في القلع بالأرش والإبقاء بالأُجرة والتملّك بالقيمة قال : منه الاختيار ومن المُستعير الرضا واتّباع مراده ، فإن لم يفعل وامتنع من إبلاغه مراده ألزمناه بتفريغ أرضه.
ومَن اعتبر رضا المُستعير في التملّك بالقيمة والإبقاء بالأُجرة فلا يكلّف التفريغ ، بل يكون الحكم عنده كالحكم فيما إذا لم يختر المُعير شيئاً ممّا خيّرناه فيه.
ومَنْ قصر خيرة المُعير على أمرين : القلع بشرط الضمان ؛ لنقص الأرض ، والتملّك بالقيمة قال : لو امتنع من بَذْل الأرش والقيمة وبَذَل المُستعير الأُجرة لم يكن للمُعير القلع مجّاناً ، وإن لم يبذلها فوجهان ، أظهرهما عندهم : إنّه ليس له ذلك أيضاً (١).
وبه أجاب مَنْ خيَّره بين الخصال الثلاث إذا امتنع منها جميعاً (٢).
وما الذي يفعل؟ اختلفت الشافعيّة على قولين :
أحدهما : إنّ الحاكم يبيع الأرض مع البناء والغراس لتفاصل الأمر.
والثاني ـ وهو قول الأكثر ـ : إنّه يعرض الحاكم عنهما إلى أن يختارا شيئاً (٣).
والتحقيق عندي هنا أن نقول : إذا أعاره للبناء أو الغرس أو لهما ففَعَل ثمّ رجع عن الإذن بعد وقوع الفعل ، فإمّا أن يطلب المُعير القلع أو
__________________
(١ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٥.
(٢) كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٧.