قال الطبرسيّ : المراد بالمرض في الآية : الشكّ والنفاق ، بلاخلاف. وإنّما سمّي الشّكّ في الدين مرضا ، لأنّ المرض هو الخروج عن حدّ الاعتدال ، فالبدن ما لم تصبه آفة يكون صحيحا سويّا ، وكذلك القلب ما لم تصبه آفة من الشكّ يكون صحيحا. وقيل : أصل المرض : الفتور ، فهو في القلب فتوره عن الحقّ ، كما أنّه في البدن فتور الأعضاء وتقدير الآية : في اعتقاد قلوبهم ، الّذي يعتقدونه في الله ورسوله ، مرض أي شكّ. حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه (١).
قوله تعالى : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً)
قال الطبرسي : قيل فيه وجوه :
أحدها : أنّ معناه : ازدادوا شكّا عند ما زاد الله من البيان بالآيات والحجج ، إلّا أنّه لمّا حصل ذلك عند فعله ، نسب إليه ، كقوله تعالى في قصّة نوح عليهالسلام : (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً)(٢) لمّا ازدادوا فرارا عند دعاء نوح عليهالسلام ، نسب إليه. وكذلك قوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ)(٣) والآيات لم تزدهم رجسا ، وإنّما ازدادوا رجسا عندها.
وثانيها : ما قاله أبو علي الجبّائي : إنّه أراد : في قلوبهم غمّ بنزول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة ، وبتمكّنه فيها ، وظهور المسملين وقوّتهم ، فزادهم الله غمّا بما زاده من التمكين والقوّة وأمدّه به من التأييد والنصرة.
وثالثها : ما قاله السّدّي : معناه : زادتهم عداوة الله مرضا. وهذا من حذف المضاف ، مثل قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ)(٤) أي من ترك ذكر الله.
رابعها أنّ المراد به : في قلوبهم حزن بنزول القرآن بفضائحهم ومخازيهم ، فزادهم الله مرضا بأن زاد في إظهار مقابحهم ومساويهم ، والإخبار عن خبث سرائرهم وسوء ضمائرهم. وسمّي الغمّ مرضا ، لأنّه يضيق الصدر كما يضيقه المرض.
وخامسها ما قاله أبو مسلم الأصفهاني : إنّ ذلك على سبيل الدعاء عليهم ، كقوله تعالى : (ثُمَ
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ١٠٢.
(٢) نوح ٧١ : ٦.
(٣) التوبة ٩ : ١٢٥.
(٤) الزمر ٣٩ : ٢٢.